يوم الإثنين الماضي، احتفلت جميع نقابات وجمعيات الصحافيين في العالم العربي باليوم العالمي لحرية الصحافة. كل بلد اعتبر يوم الحرية يومه. تصرف على طريقة أم العروس. حتى مراكز الشرطة في بعض الدول العربية احتفلت. وقدمت جوائز لبعض المخبرين الذين يعملون في الصحف. ناهيك عن احتفال الجهات العربية السبع، التي اعتبرتها منظمة مراسلون بلا حدود ضمن قائمة «صيّادو حرية الصحافة». وهو اسلوب تعودنا عليه. اسلوب أكذب وأنت تكذب، حتى تصدق نفسك، ويصدقك الناس. ادعاء الدول العربية بأنها تعيش حرية صحافية عظيمة، أصبح مثل كذبة «ابريل». لا تغضب أحداً. لكن اللافت في حفلة الكذب، التي مرت بنا يوم الاثنين، هو نوعية احتفال نقابة الصحافيين الفلسطينيين بالمناسبة، فهي تجاهلت ان من بين الصيادين السبعة، الأجهزة الأمنية في الضفة، والقوة التنفيذية التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة. وأصدرت بياناً حماسياً عن همجية اسرائيل. ولم تتحدث عن هجمة وهمجية الجهات الأمنية التابعة للفصائل الفلسطينية، ولم تفضح القمع الذي يمارسه المناضلون والمجاهدون ضد الصحافة والصحافيين. لا جديد في ان اسرائيل هي العدو الأول للصحافيين وحرية الصحافة في فلسطين. لكن المفزع ان تتكاتف السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» مع اسرائيل في قمع حرية التعبير. اللافت في الاحتفال الأخير أن الإسلاميين أصبحوا يحتلون موقعاً متقدماً في طابور الصيادين. وهو موقع يليق بهم. فالتنظيمات الإسلامية تعادي حرية التعبير، وتكره من يخالفها وتكفره. ولا تؤمن الا برأيها. فضلاً عن ان العرب كان لهم نصيب وافر في رحلة القنص الأخيرة. صار العرب يمارسون القنص بالوسائل المحرمة دولياً. لم يعد يكفيهم إغلاق الصحف، واعتقال الصحافيين، حتى مواقع «الإنترنت» لم تسلم منهم. وما زال الصحافي في البلاد العربية يعامل مثل المجرمين واللصوص والقتلة. بقي لافت ثالث هو ان نشر الديموقراطية، ساهم الى حد بعيد في قمع حرية التعبير. على رغم ايمان الغرب ان حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديموقراطية. الشيء الوحيد الذي سلم من الكبت والتضييق والقمع هو شتم الإسلاميين بالحق والباطل. اما اللافت الرابع فهو ان المنظمات الدولية التي تعنى بحرية التعبير صارت جزءاً من اللعبة، وفي التقرير الأخير لم تتحدث عن القمع الذي تمارسه جيوش الاحتلال في العراق وأفغانسنان ضد الصحافة والصحافيين.