يعمل رجل الاعمال الليبي فايز السراج على إعادة تشكيل حكومة وفاق وطني تأخذ بالاعتبار طلب البرلمان المعترف به دوليا تقليص وزاراتها، وذلك خلال مهلة 10 ايام، غداة فشل التشكيلة السابقة في الحصول على ثقة البرلمان. في موازاة ذلك، يواصل البرلمان الذي يعقد جلساته في مدينة طبرق في شرق ليبيا مناقشة اتفاق السلام الذي ترعاه الاممالمتحدة في أعقاب التصويت أمس (الاثنين) لصالح رفض مادة فيه تتعلق بالمناصب العسكرية. وقال المستشار الاعلامي لرئيس حكومة الوفاق الوطني فتحي بن عيسى: "سيقوم السيد فايز السراج باعادة تشكيل الحكومة مراعيا ملاحظات مجلس النواب القاضية بتقليص عدد الوزارات". وكان البرلمان المعترف به دوليا رفض أمس التشكيلة الحكومية التي أعلن عنها الأسبوع الماضي برئاسة السراج وشملت 32 حقيبة وزارية، إذ صوت 89 نائبا من بين 104 حضروا الجلسة ضد منح الثقة لهذه الحكومة. وعلل نواب شاركوا في الجلسة رفض البرلمان للحكومة بالعدد الكبير من الحقائب الوزارية التي تضمها، مطالبين بتقديم تشكيلة حكومية أقل عددا، وأمهلوا السراج 10 أيام لتشكيل الحكومة الجديدة. وأكد بن عيسى "سنلتزم بمهلة ال 10 أيام". وتشهد ليبيا منذ عام ونصف العام نزاعا مسلحا على الحكم بين سلطتين، حكومة وبرلمان يعترف بهما المجتمع الدولي في شرق البلاد، وحكومة وبرلمان موازيان يديران العاصمة طرابلس بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا" ولا يحظيان باعتراف المجتمع الدولي. ووقع عضاء من البرلمانين اتفاقا باشراف الاممالمتحدة في منتصف كانون الاول (ديسمبر) الماضي نص على تشكيل حكومة وفاق وطني بهدف توحيد البلاد واخراجها من الفوضى الغارقة فيها منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011. وتشكل بموجب الاتفاق مجلس رئاسي عمل على تشكيل الحكومة برئاسة فايز السراج لتقود البلاد في إطار مرحلة انتقالية، تمتد لعامين وتنتهي بانتخابات تشريعية. لكن الحكومة فشلت في نيل ثقة مجلس النواب. ويحظى الاتفاق بدعم المجتمع الدولي، لكنه يلقى معارضة رئيسي البرلمان في طبرق والبرلمان الموازي في طرابلس. ومن أبرز المطالبيت بادخال تعديلات على الاتفاق قائد القوات الموالية للبرلمان المعترف به في الشرق الفريق أول ركن خليفة حفتر. واكتفى البرلمان أمس بالتصويت على رفض أحد مواد الاتفاق، وهي المادة التي تنص على شغور المناصب الامنية والعسكرية القيادية بمجرد حصول حكومة الوفاق على الثقة، ما يعني احتمال خسارة حفتر الذي يحظى بدعم عدد كبير من النواب، منصبه. وقال ممثل الامين العام للامم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر في بيان تعليقا على هذا التصويت انه ستكون هناك "مشاورات مع كل الاطراف من اجل التوصل الى حل توافقي بشأن كل المسائل العالقة". ويفترض ان يصوت البرلمان المعترف به في طبرق لصالح اعتماد الاتفاق السياسي بكامله حتى تصبح مواده التي تمنح الشرعية لعمل لحكومة الوفاق الوطني، نافذة دستوريا. واليوم، استأنف البرلمان في طبرق مناقشة الاتفاق السياسي، وتمت مناقشة مسالة تعديل الاعلان الدستوري الصادر العام 2011 في حال اعتماد الاتفاق بشكل نهائي، حتى تصبح مواد الاتفاق التي تحدد عمل الحكومة وطبيعة المرحلة الانتقالية، دستورية. وبحث النواب بحسب موقع البرلمان الالكتروني، عمل لجنة الحوار المكلفة المشاركة في المحادثات التي ترعاها بعثة الاممالمتحدة، ومسالة عودة مجموعة من النواب المقاطعين الى حضور جلسات البرلمان. وأدى 10 منهم اليوم اليمين الدستورية تحت قبة المجلس النيابي. وتاتي محاولة توحيد السلطات في ليبيا الغنية بالنفط والغارقة بالفوضى السياسية والامنية، في وقت يتصاعد التهديد المتشدد المتمثل في تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) الذي يسيطر على مدينة سرت (450 كيلومترا شرق طرابلس)، ويحاول التمدد نحو المناطق القريبة منها والغنية بابار النفط وموانئ تصديره. وتدفع الدول الكبرى وعلى راسها الدول الاوروبية التي لا تبعد سوى بضع مئات من الكيلومترات عن الساحل الليبي، نحو تسريع بدء عمل حكومة الوفاق بغية دفعها للتصدي للخطر المتطرف.