خيّم غموض أمس، على مصير اتفاق ترعاه الأممالمتحدة لإحلال السلام في ليبيا، بعد تحفظ طرفي الحوار الأساسيين، وهما برلمانا طرابلس وطبرق، عن تفاصيل الاتفاق ودعوتهما الى «عدم التسرع» في توقيعه، كما رفضا حكومة الوفاق المقترحة في إطارها واعتبرا انها ستكون مفروضة على الليبيين. وفي ضوء هذا التطور، قرر المبعوث الدولي الى ليبيا مارتن كوبلر تأجيل مراسم توقيع الاتفاق في مدينة الصخيرات المغربية والتي كانت مقررة أمس، وغادر المغرب الى مدينة المرج حيث أجرى محادثات مع القائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر في محاولة للالتفاف على موقف رئيس البرلمان الليبي بإقناع حفتر بقبول المبادرة الدولية. وقال ناطق باسم الأممالمتحدة ان مراسم التوقيع في الصخيرات، تأجلت الى اليوم، لأسباب «منطقية». وأبدى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ورئيس «المؤتمر الوطني العام» (البرلمان الموازي في طرابلس) نوري ابو سهمين تحفظهما عن اتفاق الصخيرات إثر لقائهما في مالطا الثلثاء، في أول اجتماع بينهما منذ انقسام السلطة السياسية في ليبيا قبل سنة ونصف السنة. وأشار صالح وأبو سهمين الى «معضلات» في الاتفاق يتوجب حلها، وأكدا انهما لم يخولا أياً من المتواجدين في الصخيرات بتوقيع اتفاق. وأبلغ «الحياة» مصدر مطلع على مفاوضات الصخيرات ان مواقف رئيسي البرلمانين الليبيين اضافة الى حفتر، أوجدت شكوكاً بنجاح مبادرة الأممالمتحدة، بما في ذلك تشكيل حكومة وفاق. وأضاف المصدر أن التطورات أعادت إحياء النقاش حول تشكيلة الحكومة، على أمل الوصول الى توافق جديد يضمن قدرتها على العمل، ولئلا يتحول التوقيع على إعلانها الى مجرد «حبر على ورق». وقالت مصادر ديبلوماسية ليبية ل «الحياة» إن الدول المعنية بحل الأزمة والتي شاركت في مؤتمر روما الأحد، أعطت كوبلر مهلة 40 يوماً لإيجاد سبل كفيلة بتطبيق اتفاق الصخيرات، مع إمكانية إجراء تعديلات في تشكيلة حكومة الوفاق التي أعلنها سلفه برناردينو ليون. وأضافت المصادر أن هذا الأمر فتح باباً لمزيد من النقاشات حول صيغة الاتفاق، ما هدد بعودة المفاوضات خطوات الى الوراء. وتوجه كوبلر أمس، الى مدينة المرج الليبية حيث مقر قيادة الجيش وأجرى محادثات مع حفتر تناولت، وفق مصادر الأخير، اقناعه بترتيبات أمنية تتعلق باتفاق الصخيرات. وأضافت مصادر حفتر أن كوبلر عرض عليه لائحة بأسماء أعضاء لجنة ستنبثق عن حكومة الوفاق العتيدة، تتولى إعادة هيكلة الجيش. ونقلت المصادر عن حفتر قوله لكوبلر: «حربنا على الإرهاب مستمرة ولا دخل لنا في الشأن السياسي»، في مؤشر الى رفضه التجاوب مع محاولات كوبلر لإقناعه بتأييد المبادرة الدولية. ويأتي سعي كوبلر لإرضاء حفتر، على خلفية أن أعضاء في البرلمان الليبي المعترف به في الشرق، يعارضون أي اتفاق سياسي لا يضمن مستقبل القائد العام للجيش الليبي. في المقابل، اعتبر رئيس المؤتمر الوطني في طرابلس غداة عودته من لقاء صالح في مالطا، أن «التوقيع اليوم في الصخيرات على اتفاق الأممالمتحدة، باطل كون الموقعين لا يمثلون المؤتمر ولا البرلمان». وكرر ابو سهمين ما أعلنه وصالح في بيانهما في مالطا، أن المؤتمر والبرلمان لم يفوضا أياً من المتواجدين في الصخيرات بالتوقيع، لذا فإن «الأمر سيكون في كل الأحوال خارج إطار الشرعية» الليبية.