«حرب خربشات» تدور رحاها على الجدران، بين ناشطين في العمل الاجتماعي و»مشاكسين» مجهولين، في بلدة الربيعية في جزيرة تاروت (محافظة القطيف). فما أن انتهى مشاركون قبل أيام، من إعادة صبغ جدران مجمع مدرسي في البلدة، حتى بادر الطرف الآخر، إلى وضع توقيعه وكتابة عبارات وصفت ب «المسيئة»، بحسب القائمين على مشروع تجميل الجدران. وتعاونت لجنتان على إزالة ظاهرة كتابة العبارات المسيئة على الجدران، وبخاصة جدران المدارس. وشكلت لجنتا «مجلس الحي في الربعية»، و»النشاط الثقافي»، فريق عمل، تولى عملية إزالة العبارات «الخادشة». وما إن بدأ عمله؛ حتى بادر جمع من أهالي البلدة، كباراً وصغاراً، إلى المشاركة في الإزالة. وقال عضو «لجنة النشاط الثقافي» عبد الكريم منصور الغنام: «إن فكرة إعادة صبغ الجدران وإزالة العبارات، تعتبر أول بادرة مجتمعية في البلدة، وتستهدف القضاء على الصور السلبية». وانطلق تطبيق الفكرة من مجمع «الخليل بن أحمد المدرسي»، التي شكا مديرها ومسؤولوها من «كثرة الخربشة على جدرانها». وأضاف الغنام، أن «مجهولين يعملون من دون كلل، على كتابة عبارات خادشة للحياء، أو رسم خربشات لا معنى لها على الجدران». وأشار إلى أن تشكيل مجلس الحي ولجنة النشاط الثقافي، «ساهم كثيراً في الالتفات إلى السلبيات في المجتمع، مثل الخربشة على الجدران. وحين طرحت الفكرة؛ رأينا تشجيعاً من القائمين على اللجنتين وإدارة المدرسة، وبخاصة أنها تساهم في تغيير واقع سلبي، طالما سبب قلقاً للأهالي». واستغل القائمون على المشروع، أسبوع الإجازة المدرسية، أخيراً، وأتموا صبغ أجزاء عدة في جداران المدرسة الخارجية، مستبدلين الخربشات بعبارات ذات معني من بينها آيات قرآنية، وأحاديث شريفة، إضافة إلى لوحات تصور تراث جزيرة تاروت الزراعي والبحري. وشارك كثير من أهالي البلدة في إعادة صبغ الجدران. كما قدّم أحد المخابز وجبات خفيفة للمشاركين، ومن بين المفاجآت التي برزت بعد الانتهاء من العمل، أن «المشاكسين عادوا إلى الخربشة على الجدران ذاتها، وبخاصة تلك التي لم تحو آيات قرآنية أو أحاديث»، ما أفرز فكرة «كتابة آيات على بقية الجدران، لما تحمله من ردع حتى للمشاكسين». وأشار الغنام، الذي يعمل مدرساً للتربية الفنية، إلى تشجع الكثير من أبناء البلدة. كما طالب بعض الآباء بتعميم التجربة، لتشمل بقية المدارس والمباني ذات الصفة الرسمية، وغيرها. كما أن مدير إحدى المدارس في القطيف طلب من الفريق نقل التجربة، ومساعدته على إزالة الخربشات من جدران مدرسته. وأضاف «نفكر بعد ذلك في الانتقال إلى المنازل، والكورنيش، وبخاصة أن المجتمع تفاعل معنا». ولم تكلف عملية إعادة الصبغ مبالغ طائلة. كما أن المدرسة لم تتحمل إعادة الصبغ، ولخبرة بعض المشاركين، ومن بينهم فنانون تشكيليون، تم استخدام ألوان لا تكلف كثيراً، وأُنفِق مبلغ بسيط جداً. وأضاف أن «العملية لم تنته بعد، إذ أدى هطول المطر إلى تأخير استئناف العمل»، متوقعاً الانتهاء من الرسومات وإعادة صبغ ما أفسده «المشاكسون» في الأيام القليلة المقبلة.