تفاوت تعاطي وسائل الإعلام الأجنبية حيال إعلان السعودية موازنتها العامة أول من أمس، بين الترقب لما ستسفر عنه الأوضاع الاقتصادية في المملكة، والمتأثرة بتقلبات ومتغيرات أسواق النفط، وبين التفاؤل بحزمة الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والمالية التي أعلنها مجلس الوزراء في بيان «الصفحات العشر» الذي صاحب إعلان الموازنة. وأجمعت وسائل الإعلام على أن العجز المالي الذي أعلنت عنه السعودية، والبالغ 367 بليون ريال لموازنة عام 2015، والعجز المتوقع لموازنة عام 2016 والبالغ 326 بليون ريال، سيكون تحدياً بالغاً للمالية السعودية أخذاً بعين الاعتبار حجم الإنفاق والالتزامات المالية للحكومة السعودية داخلياً وخارجياً. إلا أن حزمة الإصلاحات التي طرحتها السعودية فتح باب التنبؤ بتقليص اعتماد المملكة على النفط كمصدر رئيس للدخل. ونقلت قناة «بلومبيرغ» التي عنونت تغطيتها للموازنة السعودية ب«السعودية تقلص اعتمادها على النفط متأثرة بانخفاض أسعار النفط الخام»، عن الاقتصادي المستشار السابق للحكومة السعودية جون سفاكياناكيس، قوله: «إن السعودية ستقلص اعتمادها على مداخيل النفط إلى 70 في المئة في موازنة العام المقبل مقارنة بموازنة العام الحالي، والذي مثلت مبيعات النفط حوالى 89 في المئة من الدخل». وأضاف «إن المملكة ستواصل سياستها النفطية الرامية إلى الدفاع عن حصتها السوقية في الأسواق العالمية، وأنها في سبيل ذلك هيأت نفسها لظروف أسعار النفط المنخفضة»، مشيراً إلى أن موازنة عام 2016 وضعت باعتبار سعر برميل النفط عند 37 دولاراً، فيما كانت موازنة 2015 وضعت باعتبار سعر البرميل عند 47 دولاراً، وأن معدل الإنتاج المعد للتصدير سيكون عند 7.2 مليون برميل يومياً. أما قناة «دويتشه فيله» الألمانية فسلطت الضوء على ما أسمته «الإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية الطموحة»، مشيرة إلى خطط وزارة المالية في تنويع مصادر الدخل من مصادر غير مبيعات النفط، وذكرت أن الخطة المالية السعودية تهدف إلى أن تكون منهجية في ضبط المصاريف الحكومية بزيادة كفاءة الإنفاق على المشاريع الرأسمالية وبالتحكم في مصاريف الرواتب والعلاوات وخلافها. من جانبها، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن محللين اقتصاديين أن السعودية بحاجة إلى التحرك بسرعة والبدء تدريجياً في تقليص نفقات الدعم وخصخصة مجموعة من الجهات المملوكة للدولة لتوفير السيولة اللازمة، مشيرة إلى أن السعودية لديها خمس سنوات للقيام بهذه الإجراءات ما لم ترتفع أسعار النفط بشكل كبير، وذلك قبل اللجوء إلى المدخرات الخارجية واستنفادها. ونقلت صحيفة «غارديان» الإنكليزية عن الخطة المالية السعودية أن المملكة لن تعتمد على حصول تعافٍ كبير في أسعار النفط في الوقت القريب المقبل، وأن السعودية مستعدة لفترة من أسعار النفط الرخيصة لأعوام عدة. أما صحيفة «وول ستريت غورنال»، فلفتت في تقريرها حول الموازنة إلى أن انخفاض أسعار الصادرات النفطية لم يمنع السعودية من الحفاظ على مستويات الإنتاج نفسها واختارت عدم خفض الإنتاج لتصعد بأسعار البترول مجدداً، وأفادت بأن الزيادات الحالية لم تكن مفاجئة للمحليين الاقتصاديين، إذ تم التلميح حولها من أشهر عدة، متوقعة أن تكون الخطة المقبلة طويلة المدى ومعنية على تنويع الدخل وعدم الاعتماد على النفط بشكل مباشر بالتزامن مع إصلاحات اقتصادية واجتماعية أخرى.