افتتح أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز، مشروع تطوير وادي حنيفة الذي يمتد على مسافة تزيد على 80 كيلومتراً أول من أمس بعدما أكملت «الهيئة» أعمال تطويره. وجال الأمير سلمان في عدد من أجزاء المشروع، وافتتح 7 مواقع ضمت متنزهات مفتوحة ومحطة المعالجة الحيوية للمياه، وقدّم رئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض المهندس عبداللطيف آل الشيخ شرحاً عن عناصر المشروع ومكوناته وما اشتمل عليه من إنشاءات وتجهيزات وتقنيات، مشيراً إلى أن «الهيئة» انطلقت في تبنيها لهذا المشروع من منطلق القيمة الاستراتيجية لوادي حنيفة الذي يمثل رئة مدينة الرياض ومصرف المياه الأكبر في نطاقها الحضري. ولفت إلى أن الوادي عانى في الماضي من تدني المستوى الحضري، وانتشار الأنشطة والاستعمالات غير الملائمة لطبيعته بالتزامن مع الازدهار الحضري الذي شهدته مدينة الرياض خلال العقود الماضية، ما أدى إلى اختلال مناسيب المياه في الوادي، وتكوّن الحفر في جوانبه، وتوسّع الأحياء السكنية في شعابه، من دون اعتبار لمناسيب الوادي، ونظام جريان الماء فيه، فضلاً عن ظهور عدد من الأنشطة الصناعية الملوّثة لمياهه كالمدابغ والمسالخ، الأمر الذي تسبب في انتشار مخلفات المحروقات والمواد «الهيدروكربونية» فيه واختلال النظام المائي وتكوّن المستنقعات والبرك الآسنة والبحيرات «عالية السّمية» وارتفاع منسوب المياه السطحية، في الوقت الذي شهدت فيه الحياة الفطرية في الوادي اندثاراً تدريجياً. وتطرق آل الشيخ إلى أن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بادرت إلى تبني جملة من الإجراءات والتنظيمات التي تهدف إلى إيقاف المصادر الرئيسية للتدهور في بيئة وادي حنيفة تمهيداً للبدء في تأهيله، فأقرت مبدأ «الحماية البيئية» للوادي، واعتبار محيطه محمية بيئية، ومنطقة تطوير خاصة تحت إشراف الهيئة، أتبعتها بإجراءات تنفيذية شملت نقل الكسارات والمصانع إلى مواقع بديلة خارج الوادي، ووقف أنشطة نقل التربة منه، وتنظيم حملات تنظيف متكررة لأجزاء الوادي المتداخلة مع عمران المدينة، جرى خلالها تنظيف وإزالة المخلفات من 10 ملايين متر مربع، وإزالة نحو نصف مليون طن من النفايات ومخلفات البناء. وأضاف أن «الهيئة» وضعت «المخطط الشامل لتطوير وادي حنيفة» الذي عمل على إعادته إلى وضعه الطبيعي كمصرف لمياه الأمطار والسيول وللمياه دائمة الجريان، وجعل بيئته الطبيعية خالية من الملوّثات والمعوّقات التي تحول دون إطلاق آليات التعويض الطبيعية، وازدهار بيئته النباتية والحيوانية، وإعادة تنسيق المرافق والخدمات القائمة بحيث تتناسب مع بيئته. كما عملت على توظيف الوادي بعد تأهيله ليكون إحدى المناطق المفتوحة المتاحة لسكان المدينة الملائمة للتنزه، من خلال إضافة الطرق الملائمة والممرات وبعض التجهيزات الضرورية. وأوضح أن المشروع شمل تسوية مجاري المياه وفق ثلاثة مستويات مختلفة من تصريف المياه الجارية، وهي مستوى المياه دائمة الجريان التي تتغذى من شبكات خفض المياه الأرضية في المدينة، ومن شبكات تصريف السيول، وأُعدّت لهذا المستوى قناة مفتوحة للمياه دائمة الجريان مدعّمة بالتكوينات الصخرية و«الهدارات» للمساعدة في معالجة المياه، والحفاظ على قدرتها التصريفية طوال العام وذلك بطول 57 كيلومتراً، بعرض 6 أمتار وعمق 1.5 متر، مشيراً إلى أن المستوى الثاني كان السيول الموسمية التي تجري في الوادي في مواسم الأمطار، إذ جرت تسوية بطن الوادي بميل دائم باتجاه الجنوب، وميل عرضي باتجاه القناة الدائمة، وتدعيم حوافّ الأودية في بعض النقاط الحرجة، لتتحمل غمر مياه السيول. أما المستوى الثالث فيختص بالفيضانات التي تحدث في الدورات المناخية كل 50 عاماً تقريباً، ونظراً لكونها نادرة الحدوث، تمثلت تجهيزاتها في وقف تعدي الحيازات الخاصة على مجاري السيول، وإزالة الردميات الضخمة من بطن الوادي والشعاب المغذية له. ولفت آل الشيخ إلى أن مشروع التأهيل البيئي تبنى آلية جديدة لمعالجة المياه الجارية في الوادي، تستند إلى نظام معالجة طبيعي غير كيماوي، يعتمد على إيجاد البيئة المناسبة في المجرى المائي لتواجد وتكاثر الأحياء الدقيقة التي تستمد غذاءها من المكونات العضوية وغير العضوية في المياه، مضيفاً أن المشروع سيمكن من الاستفادة من المياه المصروفة إلى الوادي على مدار العام عن طريق معالجتها وإعادة استخدامها بشكل آمن في الأغراض الزراعية والصناعية والحضرية. محطة للمعالجة الحيوية أوضح رئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض المهندس عبداللطيف آل الشيخ، أن «الهيئة» اختارت بطن الوادي المحاذي ل «ميدان الجزائر» في الجزء الجنوبي من مدينة الرياض، لاحتضان «محطة المعالجة الحيوية للمياه» التي تبلغ مساحتها أكثر من 100 ألف متر مربع، وتهدف إلى زيادة طول جريان المياه وتزويدها بالهواء، لزيادة نسبة الأوكسجين فيها، وذلك للإسهام في نمو الكائنات الحية التي تتخلص من ملوثات المياه. وذكر أن المحطة تمتاز بقدرتها العالية على المعالجة، نظراً إلى احتوائها على عدد كبير من الهدارات في مجموعات وأحواض متصلة بقناة المياه الأساسية في المحطة، يبلغ عددها 140 خلية كل خلية بطول 30 متراً، وبعرض 6 أمتار وبعمق مترين، كما زوّدت خلايا هدارات المحطة جميعها بأنظمة تهوية كهربائية للمياه في حوض الهدارة، لزيادة فاعلية المعالجة، وبالتالي زيادة نسبة الأوكسجين الذائبة في الماء. ولفت إلى أن المشروع تضمن إعادة تنسيق المرافق العامة في محيط الوادي عن طريق تحويل جميع خطوط المرافق الهوائية إلى خطوط أرضية، بالتنسيق مع الجهات المسؤولة عنها، وإنشاء طريق للسيارات بطول بلغ نحو 43 كيلومتراً، ابتداء من سدّ العلب في الدرعية شمالاً إلى طريق المنصورية، وإنشاء 22 جسراً ومعبراً عند تقاطع الطريق مع القناة، وتنفيذ ممرات للمشاة بطول 47 كيلومتراً. وتضمن مشروع التأهيل البيئي إضافة إلى تأهيل بطن الوادي، إنشاء 5 متنزهات مفتوحة هي متنزه سد العلب الذي يحتوي على ممرات للمشاة بطول 5،5 كيلومتر، وجلسات للمتنزهين تشمل 93 جلسة، ومواقف للسيارات على جوانب الطريق تتسع ل 200 سيارة، إلى جانب رصيف للمشاة بطول كيلومترين مزود بالإنارة والتشجير، ومتنزه سد وادي حنيفة وزود ب 27 جلسة للمتنزهين، وممر للمشاة بطول 5،6 كيلومتر، ومتنزه السد الحجري الذي تبلغ مساحة بحيرته حوالى 10 آلاف متر مربع وبعمق يصل إلى مترين، وتم رصف محيط السد بممرات للمشاة بطول 4،5 كيلومتر، وتنفيذ جلسات للمتنزهين حول البحيرة. كما ضمت المتنزهات، متنزه بحيرة المصانع التي تبلغ مساحتها 40 ألف متر مربع، وزودت بممرات للمشاة بطول 4 كيلومترات بعمق يصل إلى 10 أمتار، ومتنزه بحيرة الجزعة الذي تبلغ ممرات المشاة المقامة فيه 5،5 كيلومتر، وزوّد ب37 جلسة للمتنزهين، فيما بلغت مساحة البحيرة 35 ألف متر مربع، بعمق يصل إلى ثلاثة أمتار.