افتتح في روما امس، مؤتمر دولي حول ليبيا يفترض ان يتوّج يوم الاربعاء المقبل، بتوقيع طرفي النزاع الاساسيين (برلمانَي طرابلس وطبرق) اتفاقاً نهائياً لتشكيل حكومة وفاق تم الاتفاق عليها في نهاية جلسات الحوار الليبي في مدينة الصخيرات المغربية في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي. وافتتح المؤتمر باجتماع وزاري في مقر الخارجية الإيطالية، رأسه وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيطالي باولو جينتيلوني والمبعوث الدولي الى ليبيا مارتن كوبلر، بحضور موفدين عن عدد من الدول المعنية بالأزمة. وانضم إلى المؤتمر لاحقاً، ممثلون عن المؤتمر الوطني العام في طرابلس ومجلس النواب الذي يتخذ من طبرق مقراً له، فيما اشار مسؤول اميركي حضر الاجتماع الوزاري الى تبادل آراء «جيد وصريح» بين المشاركين و»شعور واضح بالطابع الملح لضرورة» تشكيل حكومة وحدة وطنية نص عليها اتفاق الصخيرات الذي رعته الأممالمتحدة. لكن المؤتمر قوبل بتشكيك اوساط في ليبيا وخارجها، بإمكان تطبيق ما سيُتفق عليه، خصوصاً ان الاطراف الليبية المشاركة لا تملك قدرة كافية على فرضه، فيما ينأى المجتمع الدولي بنفسه عن التدخل عسكرياً لحماية الاتفاق. وأشارت مصادر ليبية الى ان الصعوبات التي تعترض الاتفاق تكمن في تجاهله من جانب القوى الفاعلة على الأرض والتي لا تبدو متحمسة لتأييده، نظراً الى استبعادها من المعادلة السياسية في المرحلة المقبلة. وفي مقدم هذه الاطراف قوات الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر التي لا تبدو مستعدة لوقف معركتها ضد خصومها، اضافة الى مجموعات مسلحة كانت تعتبر جزءاً من تحالف «فجر ليبيا» الذي يضم مقاتلين اسلاميين. وأبلغ «الحياة» عضو المؤتمر الوطني العام عبد القادر الجويلي ان مؤتمر روما «ولد ميتاً»، نظراً الى انطلاق المبعوث الدولي الى ليبيا من آخر نقطة توصل اليها سلفه برناردينو ليون في اتفاق الصخيرات بين اطراف الحوار الليبي، مشيراً الى تحفظات عدة واجهت الاتفاق مرفقة بتساؤلات حول سبل تطبيقه. ورأى الجويلي ان كوبلر فوّت فرصة لتجاوز الفشل بإعادة التفاوض على ما تم الاتفاق عليه في الصخيرات لكنه لم يفعل ذلك. وأعرب عضو المؤتمر عن اعتقاده بأن «إبقاء الوضع على ما هو عليه افضل من فرض حلول لا تلقى قبولاً من كل الأطراف». في المقابل، قال ل «الحياة» عبد الرحمن الشاطر العضو ايضاً في المؤتمر الوطني العام، إن عقد مؤتمر في روما ترأسه اميركا وإيطاليا يعني «انتهاء اللعبة» بالنسبة الى المتحاربين، وأكد ان البيان الذي سيصدر في روما يوم الأربعاء المقبل، سيكون دعماً لإقامة حكومة الوفاق «شاء من شاء وأبى من أبى». اما عضو مجلس النواب في طبرق محمد الرحبي فأعرب ل «الحياة» عن اعتقاده بأن مؤتمر روما يمكن ان يجد مخرجاً للأزمة اذا استطاع المجتمع الدولي فرض الحل المناسب. وقال: «يكفي الليبيين ما دفعوه من أثمان باهظة، وفي اعتقادي بأن الغرب وأميركا، بإمكانهما تطويع الأطراف كافة، بما في ذلك المجموعات المسلحة». في الوقت ذاته، رأى المحلل السياسي الليبي علي الدلالي ان المجتمع الدولي يسعى بقوة الى حل. وقال الدلالي ل «الحياة» ان التدخل الإيطالي على خط الأزمة «ينطلق من دافع اقتصادي اكثر منه أمنياً، كما هو الحال بالنسبة إلى فرنسا وألمانيا»، وعزا ذلك الى ان «هامش المناورة لدى الإيطالييين يضيق وتهديدهم باستخدام القوة جدي، لأن وضعهم الاقتصادي مهدد باستمرار الأزمة في ليبيا».