دعا وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان أمس، الأطراف الليبية في طرابلس وطبرق، إلى التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة وطنية بهدف وقف اتساع سيطرة تنظيم «داعش». أتى ذلك في وقت بدأ المبعوث الدولي الجديد إلى ليبيا مارتن كوبلر مهمته بلقاءات مع البرلمان في طبرق، انتقل بعدها إلى طرابلس حيث أجرى محادثات مع أركان المؤتمر الوطني. وقال لودريان في حديث إلى إذاعة «أوروبا 1»: «ينبغي التوصل إلى اتفاق ليبي بين هذين الطرفين المتحاربين وإلا فإن ذلك سيؤدي إلى انتصار داعش». ورأى لودريان أن «الوضع يتطلب تحركاً عاجلاً»، مشيراً إلى أن «داعش يسيطر على أراض انطلاقاً من سرت ويعمل على النزول نحو حقول النفط». وأضاف لودريان: «على الليبيين أن يدركوا أن الاستمرار بهذا المنطق (ويعني المواجهة) سيكون انتحارياً في حين أن لديهم السبل عبر توحيد قواهم للقضاء على داعش وطرده». واعتبر أن «الحل السياسي يمكن التوصل إليه في حال أدركت كل الأطراف الفاعلة المخاطر» التي يمثلها توسع «داعش»، في حين تتعثر المفاوضات بين الأطراف الليبية بعد أشهر من الوساطة برعاية الأممالمتحدة بسبب المصالح الجهوية. وتعيش ليبيا حالاً من الفوضى منذ سقوط معمر القذافي في 2011، إذ تتنازع حكومتان السلطة منذ العام الماضي، إحداهما في طرابلس والأخرى في الشرق وتحظى باعتراف دولي. وفي مقابلة مع «فرانس برس» الثلثاء الماضي، قال وزير الخارجية الليبي محمد الدايري إن حكومته لديها «معلومات موثوقة مفادها أن قيادة داعش طلبت من الجهاديين الجدد التوجه إلى ليبيا وليس إلى سورية، خصوصاً منذ بدء الضربات الروسية» ضد التنظيم في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي. ورأى الوزير أن عدد مقاتلي تنظيم «داعش» في ليبيا يقدر حالياً «بين أربعة إلى خمسة آلاف» ويشكل التونسيون والسودانيون واليمنيون القسم الأكبر منهم. وأعرب لودريان عن قلق كبير للوضع في ليبيا لأن «داعش تمركز في ليبيا مستفيداً من الانقسام الداخلي بين طبرق وطرابلس». وأضاف أنه «لو توحدت قوات طرابلس وطبرق ضد داعش فهو (التنظيم) لن يتمكن من البقاء». ورأى الوزير أن على الليبيين أن يدركوا أنه «إذا استمروا في هذا المنطق فسيكون ذلك انتحاراً في حين أن لديهم القوة إذا توحدوا، لإخراج داعش وهذا ضروري وملح». وقال أن «تونس ومصر جارتا ليبيا وهما حليفتانا، كما أن الجزائر والنيجر والتشاد معنية مباشرة، وعلى هذه الدول أن تنظم مؤتمراً مع الدعم المطلوب من المؤسسات الدولية والأممالمتحدة، لإتاحة اتفاق بين المجموعتين الليبيتين ومنع داعش من التمدد في ليبيا». وأشاد الوزير بالعملية التي نفذتها الولاياتالمتحدة وأعلنت للمرة الأولى في 14 الشهر الجاري، في قصف أهداف لتنظيم «داعش» في ليبيا والقضاء في غارة على العراقي وسام نجم الزبيدي الملقب ب «أبو نبيل» زعيم «داعش» في مدينة درنة شرق البلاد وليس زعيم التنظيم في ليبيا، وفق الوزير الليبي. ووصل كوبلر من طبرق إلى طرابلس أمس، حيث أجرى محادثات مع رئيس المؤتمر الوطني نوري بوسهمين. وكان المبعوث الدولي عقد مؤتمراً صحافياً في طبرق اثر لقائه نواباً في البرلمان، قال فيه إن زيارته الأولى لليبيا تهدف إلى التأكيد على ثبات الموقف والاستمرارية في عمل الأممالمتحدة. واعتبر أنه حان الوقت لإبرام الاتفاق، مؤكداً أنه سوف يستأنف العملية التفاوضية من حيث توقف سلفه برناردينو ليون، مؤكداً استحالة إعادة فتح الاتفاق أمام تعديلات جديدة. وحض مجلس النواب في طبرق على التصويت إيجاباً على الاتفاق، ولفت إلى أن الأممالمتحدة لا تفرض اتفاقاً على أحد، وتحترم سيادة ليبيا، ولا تنحاز لطرف. وقالت ل «الحياة» مصادر المؤتمر إن كوبلر أتى ليضع المجلس أمام مسؤولياته وحض الجانبين في طبرق وطرابلس على قبول حكومة الوفاق التي أعلن عنها ليون الشهر الماضي. وأبلغ «الحياة» عضو البرلمان محمد نقرو أن كوبلر يعلم أن نجاح مهمته مرهون بعدم إضاعة الوقت كما حصل مع سلفه، لذا أتت تصريحاته التي تشير إلى أن المجتمع الدولي ينتظر من الليبيين إقرار الحل الدولي في أسرع وقت.