تشهد فاعليات مهرجان الفيلم الفرانكوفوني في مونتريال لهذا العام (تأسس عام 1995 وهو من المهرجانات الرئيسية في الشمال الاميركي) عروضاً لمئة وعشرين فيلماً بينها «غروب الظلال» المرشح لنيل جائزة اوسكار عام 2016 عن أفضل فيلم أجنبي. والذي يعرض لأول مرة على الشاشة الكندية. الفيلم روائي طويل (114 دقيقة) من إخراج وسيناريو وإنتاج محمد لخضر حامينا المولود في مدينة المسيلة شرق الجزائر. ومن المعروف أن حامينا، أنتج أفلاماً تسجيلية وقصيرة وطويلة شاركت في مهرجانات دولية آخرها «غروب الظلال» (2014 ). كما أنه نال عدة جوائز عالمية أهمها على الإطلاق السعفة الذهبية الوحيدة في السينما العربية والافريقية عن رائعته «وقائع سنين الجمر» عام 1975. وحامينا عاد إلى العمل السينمائي وهو اليوم على أعتاب ال 85 عاماً. وهو في فيلمه الجديد يفتح صفحة حزينة من تاريخ الثورة الجزائرية تتجسد ببشاعة التعذيب الجسدي والنفسي والاغتيالات الجماعية التي كان يتعرض لها الأسرى الجزائريون خلال حقبة الاستعمار الفرنسي (من بينهم والد حامينا نفسه). تروى أحداث الفيلم على لسان ثلاثة أبطال يتحدثون الفرنسية واللهجة الجزائرية. وهم الثائر الجزائري ابن الصحراء خالد (سمير بواتار) والضابط الفرنسي سانتوناك (لوران هانكان) المجرم الجلاد والممثل الشرعي للمستعمر، والجندي لامبير (نيكولاس بريده) المتعاطف مع خالد والمناهض لتعذيب الأسرى وقتلهم. يتناول الفيلم أهم المواجهات التي جرت مع المستعمر الفرنسي خلال الأربعينات والخمسينات، وهي الفترة التي أرخت لانطلاق شرارة الثورة من إحدى المدن الصحراوية على يد أحد شيوخ القبائل عبدالجبار (لخضر حامينا) الأب والمرشد الروحي لنضال الجزائريين، والذي يحرص على تربية أبنائه وأحفاده على القيم والمبادئ الاسلامية. ويقوم بإرسال ابنه (خالد) إلى فرنسا للدراسة في جامعة السوربون. وبعد سنوات يعود خالد ليكتشف ويلات الاستعمار الفرنسي وفظائعه. وسرعان ما يصبح قائداً لجماعة مسلحة تدربت على الحدود الجزائرية المغربية. وفي عام 1958 يعود إلى رحاب الوطن ليدخل في مواجهة عسكرية مع الضابط «سانتوناك» الذي كان يتحصن في قلعة منيعة يمارس فيها أقسى عمليات التعذيب والإعدامات الوحشية، لاعتباره أن الجزائر فرنسية وينبغي أن تبقى فرنسية بأي ثمن. واثناء مواجهة الثوار للجنود الفرنسيين، يقع خالد في قبضة (سانتوناك) الذي يقوم بتعذيبه ويصدر عليه حكماً بالإعدام... وامام وحشية سانتوناك يتدخل الجندي الفرنسي (لامبير) متمرّداً على أوامر رئيسه ويجرده من سلاحه وينقذ بالتالي حياة خالد. وينتهي الفيلم على مشهد لافت يجمع الأبطال الثلاثة في قلب الصحراء الجزائرية يعانون من الجوع والعطش والحر الشديد والخوف من المجهول، تاركاً المجال أمام المشاهدين للتساؤل عن مصير كل من الجلاد سانتوناك والمتمرد الفرنسي لامبير والمجاهد خالد. يشار إلى أن «غروب الظلال» الذي عرض في صالة سينما امبريال في مونتريال، شهد إقبالاً كثيفاً من أبناء الجالية الجزائرية، ونال إعجاب بعض النقاد السينمائيين أمثال برنارد مونسيل الذي رأى فيه «محاكمة عادلة للاستعمار الفرنسي وأمثولة نضالية للتحرر الوطني» نافياً عنه دعوته إلى الكراهية.