الفنانة التشكيلية اللبنانية لينا كيليكيان، المتخصصة في فن تجميل المدن وجدت في بعض الانحاء البيروتية حيزاً للانطلاق بمشروعها وتحقيق حلمها: تجميل مدينة بيروت. وقد ارتكزت في مشروعها هذا الى خبرتها العلمية ومراسها الفني ودراستها الاكاديمية، موظفة عينها التشكيلية ومخيلتها وذاكرتها الضاربة بجذورها في تاريخ الفن العالمي والحضارات. مشروعها الأول أرادت تنفيذه على كورنيش بيروت وتحديداً مقاعد الكورنيش التي يستخدمها المواطنون ليجلسوا عليها ويرتاحوا من عناء المشي وليتأملوا البحر الذي أمامهم. عمدت لينا الى اعادة «صنع» هذه المقاعد ملبسة اياها السيراميك المقطع، جاعلة منها تحفة بصرية، وكأنها أعمال فنية في متحف في الهواء الطلق. استطاعت خلال فترة غير قصيرة أن تنجز ثلاثين مقعداً من اصل ستة وسبعين مقعداً، ما زالت تصمم لإكمالها جميعاً، على رغم التمويل الشحيح الذي حصلت وتحصل عليه. إلا أن هذه الفنانة المولعة بالجمال، لا سيما جمال الأمكنة، لم تبالِ بالناحية المادية أو المالية فمضت في عملها، غير آبهة لأي ربح أو استفادة مالية، بل إنها ضحت بالكثير من أجل انجاح مشروعها. وهمّها ادخال البهجة الى عيون الناس ونفوسهم لا سيما أنها ترى أن بيروت تكاد تصبح مدينة رمادية وقاتمة. وفعلاً لاحظ المواطنون الذين يؤمون الكورنيش الشهير أن المقاعد تزيّت بزي جديد وبهيج، وأصبحت أشبه بالنصب الصغيرة، الجميلة، المتعددة الألوان بقطع السيراميك، والتي تجذب المواطنين للجلوس عليها. والمقاعد هذه تمتد على طول الكورنيش. وإضافة الى هذه المقاعد أنجزت لينا كيليكيان أعمالاً تجميلية أخرى في بيروت وصيدا وعاليه ومنها لوحة مقر «الاسكوا» وجداريات في حدائق عامة وعلى بعض الطرق أو الاوتوسترادات. إلا ان المشروع المهم فهو النصب والجدارية اللذان أنجزتهما في مدخل مدينة برج حمود، والهدف تجميل هذا المدخل الرئيس الى العاصمة. وقد تم افتتاح هذا المشروع أمس برعاية وزير الإعلام طارق متري وبحضوره، اضافة الى حضور رئيس بلدية برج حمود انترانيك ميسيريان وجمع كبير من الديبلوماسيين والسياسيين والاعلاميين. وجرى الافتتاح في حفلة تحدث فيها الوزير متري مشيداً بهذا المشروع الرامي الى تجميل مدينة بيروت ورئيس البلدية الذي عرض المشروع ومراحله وتوقف عند أبعاده. وتحدثت الفنانة لينا كيليكيان بدورها عن حلمها الذي بدأت بتحقيقه. أما النصب فعبارة عن مكعّب مقلوب، مصنوع من قطع السيراميك الملوّن وترتفع منه قضبان من المعدن الأبيض. نصب يجمع بين البعد التعبيري والتجريد ويجسد عملاً فنياً على ارتباط بالفضاء الذي من حوله. وبالقرب منه تمتد جدارية بديعة من قطع السيراميك الملون أيضاً وتمثل لوحة حروفية على حائط مساحته مئة وخمسون متراً. جدارية جميلة ومعبرة وموحية جسدتها الفنانة انطلاقاً من لوحة لها كانت فازت بها بالميدالية الذهبية للفنون في «أولمبياد الفن» الذي جرى في الصين متوازياً مع الأولمبياد الرياضي العام الماضي. وكان شارك في المباراة عشرة آلاف فنان من 81 دولة وفازت الفنانة بالميدالية الذهبية حاملة اسم لبنان في هذا المحفل الدولي. والفنانة لينا كيليكيان أقامت معارض فردية عديدة في بيروت وعواصم عربية وعالمية، وشاركت في معارض جماعية، وهي متخصصة ايضاً في فن الايقونة وفن الترميم، ولها نشاطات فنية عدة في أوروبا والولايات المتحدة.