حض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدول المشاركة في اجتماع فيينا السبت المقبل على «تقريب وجهات نظرها» لإيجاد حل للأزمة السورية، وسط استمرار برلين بخفض توقعاتها وتأكيد موسكو وطهران على ضرورة تبني «مواقف بناءة». ونفت الخارجية الروسية وجود وثيقة ل «الحل الروسي» في سورية، مع استمرارها بعقد لقاءات مع معارضين سوريين. وكان بان قال في القمة بين الدول العربية والدول اللاتينية انه «علينا مواصلة العمل» في الاجتماع الوزاري في فيينا «على تقليص الاختلاف في مواقفنا والسعي إلى بدء عملية سياسية حقيقية في سورية ووضع حد لهذا الكابوس»، فيما نقلت وكالة «تسنيم» عن أمير عبداللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته للبنان قوله: «إذا شاركت إيران في اجتماعات فيينا، فإنها بالتأكيد ستكون في غياب (وزير الخارجية محمد جواد) ظريف، إذ أنه سيرافق رئيس الجمهورية حسن روحاني في جولته الأوروبية». يذكر أن روحاني من المقرر أن يزور إيطاليا وفرنسا بين 14 و17 الجاري وسط أنباء عن أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند سيثير الموضوع السوري مع روحاني. ونقل موقع «روسيا اليوم» عن عبداللهيان الذي وصل بيروت صباح الأربعاء قادماً من موسكو أن المشاركة الإيرانية في المفاوضات يتوقف على «أجوبة يجب أن تقدمها واشنطن عن الأسئلة في شأن خطوات أحادية أقدمت عليها من دون استشارة الآخرين»، ولم يوضح الديبلوماسي الإيراني طبيعة هذه الخطوات الأميركية. وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت أن ظريف ونظيره الروسي سيرغي لافروف أكدا خلال مكالمة هاتفية «ضرورة تبني مواقف بناءة والتنسيق الوثيق للجهود الدولية من أجل مكافحة الإرهاب والمساهمة في إطلاق الحوار السوري-السوري السياسي في أقرب وقت». وأضافت: «شدد الوزيران على أن هذا الحوار يجب أن يجري برعاية الأممالمتحدة بين الحكومة السورية ووفد ذي تمثيل واسع للمعارضة السورية، ذلك بحسب ما جاء في بيان فيينا للدول التي شاركت في اجتماع في 10 تشرين الأول (أكتوبر). أما الأطراف الخارجية، بما فيها مشاركو «مجموعة دعم سورية»، فيجب أن تساعد طرفي النزاع في التوصل إلى اتفاق بدلاً من محاولة استبدال المفاوضات السورية (بمفاوضات بينهم) أو محاولة حسب نتائج تلك المفاوضات مسبقاً». من جانبه، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتين شيفير الأربعاء، أن وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير لا يتوقع حدوث اختراق في حل الأزمة السورية أثناء لقاء فيينا المقبل، لكنه يعتبره خطوة مهمة على طريق التسوية. وكانت وكالة «تاس» الروسية نقلت عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قوله إن موسكو لم تعد وثيقة خاصة تتعلق بسورية وإن لديها فقط أفكاراً لمزيد من النقاش. وأظهرت مسودة حصلت عليها «رويترز» الثلثاء أن روسيا تريد من الحكومة السورية والمعارضة الاتفاق على إطلاق عملية إصلاح دستوري خلال 18 شهراً وأن يعقب ذلك إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وقال بوغدانوف أيضاً إن وفداً من المعارضة السورية سيزور وزارة الخارجية الروسية. وقالت الوثيقة: «رئيس سورية المنتخب انتخاباً شعبياً سيضطلع بوظائف القائد الأعلى للقوات المسلحة ويشرف على الأجهزة الخاصة والسياسة الخارجية». ونفت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية إعداد موسكو أي وثيقة من أجل الاجتماع الدولي في فيينا وإن «هذه المعلومات لا تتفق مع الواقع». وتضمنت الوثيقة إن الأطراف السورية يجب أن تتفق على مثل هذه الخطوات في مؤتمر تنظمه الأممالمتحدة في المستقبل وإن الأسد لن يرأس عملية الإصلاح الدستوري وإنما سيرأسها مرشح تتفق عليه كل الأطراف. وتساءل وزير الخارجية البريطاني فيليب هموند الاثنين: «كيف يمكننا إحلال السلام في بلد مر بحرب أهلية طاحنة قتل فيها 250 ألفاً إلى 330 ألف شخص من دون إزالة سبب تلك الحرب الأهلية؟». وأضاف هموند للصحافيين في الأممالمتحدة: «نحن لا نرى أنه سيكون من الممكن إشراك جماعات المعارضة في العملية السياسية والوصول إلى هدنة فعالة ما لم نصل إلى نقطة واضحة يتنحى عندها الرئيس الأسد». وقالت الوثيقة إن المعارضة السورية التي تشارك في العملية السياسية يجب أن تؤلف «وفداً موحداً» ويتم الاتفاق عليها مقدماً وأنه «يجب أن يتفقوا على الأهداف الخاصة بمنع وصول الإرهابيين إلى السلطة في سورية وضمان سيادة سورية ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي وكذلك الطابع العلماني والديموقراطي للدولة». وقال ديبلوماسيون غربيون إنه سيكون من الصعب على البلدان المعارضة للأسد أن توافق على مسودة الاقتراح الروسي. وأفاد أحد الديبلوماسيين الغربيين: «الوثيقة لا تناسب الكثيرين». وأضاف قوله إن من اختلفوا مع النهج الروسي يحرصون على ألا يكون النص أساساً للمفاوضات. وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية إن موسكو ستركز على قضيتين رئيسيتين في اجتماع فيينا. وأضافت زاخاروفا: «الأولى هي تصنيف وفهم من الذين يجب أن نعتبرهم إرهابيين في سورية وفي المنطقة والثانية هي وضع قائمة بممثلي المعارضة السورية الذين يمكن أن يجروا مفاوضات مع دمشق». وقال ديبلوماسي غربي آخر إن موسكو تريد استخدام هذا التعريف ليشمل كل جماعات المعارضة المسلحة وليس المتطرفين فقط مثل «داعش» و «جبهة النصرة». وثيقة بين وفدين من المعارضة أعلن في موسكو انه «بعد لقاء وفد هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي مع وزارة خارجية روسيا الاثنين واجتماع وفد جبهة التغيير والتحرير أيضاً مع الوزارة الثلثاء، التقى الوفدان واستعرضا موقفي الطرفين واتفقا على نقاط عدة، بينها: العمل المشترك على جمع وتوحيد قوى المعارضة السورية التي تتمسك بالحل السياسي من خلال العمل على عقد مؤتمر لقوى المعارضة السورية للخروج برؤية واحدة حول تطبيق بيان جنيف1». وتضمنت الوثيقة أيضاً «عدم إقصاء أي جهة معارضة تتمسك بالحل السياسي، وتريد الانتقال إلى نظام ديموقراطي تعددي» وإن «بيان جنيف هو الأساس للحل السياسي في سورية وإن بيان جنيف1، وخطة دي ميستورا، وورقة فيينا2، مترابطة وتساعد على الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية»، اضافة الى اعتبار «الإرهاب آفة خطيرة مطلوب استئصالها بالوسائل الممكنة كافة، بالتزامن مع السير في الحل السياسي الذي ينهي الاستبداد المولد الأساسي للإرهاب، ويعيد الثقة الشعبية بالحل السياسي». وحض الطرفان على «الإفادة من دور القاهرةوموسكو الداعم لتوحيد قوى المعارضة السورية من خلال الدعوة والعمل على عقد مؤتمر وطني جديد للمعارضة، لا يستثني أحداً يقبل بالحل السياسي وضرورة دعوة جميع الدول التي لها علاقة بالمسألة السورية للمشاركة في أي مؤتمر يعقد لإيجاد حل سياسي لها». ... ودي ميستورا يشدّد على مواصلة "زخم" الاجتماعات نيويورك - "الحياة" - شدّد المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، في اجتماع مغلق مع مجلس الأمن، على ضرورة مواصلة «الزخم» الذي أنتجه اجتماع فيينا نتيجة «جلوس الولاياتالمتحدةوروسيا والمملكة العربية السعودية وإيران إلى الطاولة (ذاتها)، إضافة الى الأطراف الآخرين». وقال أن من الأساسي أن تؤدي الاجتماعات المرتقبة في فيينا السبت، إلى «نتائج لمصلحة الشعب السوري، وأبرزها خفض العنف»، مبدياً أمله بأن ذلك «أمر يمكن تحقيقه». وأضاف دي ميستورا بعد إحاطة قدّمها إلى المجلس مساء الثلثاء، أنه أطلع مجلس الأمن على ما جرى في اجتماع فيينا، وعلى حصيلة زياراته إلى دمشقوموسكووواشنطن، موضحاً أنه أكد للمجلس «جاهزية الأممالمتحدة لدعم أي قرار يُتخذ في فيينا» في ضوء الاجتماع الوزاري الثاني المرتقب السبت. وأشار إلى أن مجموعات العمل الثلاث كان مقرراً أن تبدأ عملها الأربعاء، «واحدة منها معنيّة ببحث الإرهاب، وهي مسألة تحتاج إلى إيضاح». وشدّد على «ضرورة عدم تضييع الزخم الحالي، وهو أمر انتظرناه طويلاً ونحتاج الآن إلى دعمه بقوة». ورفض إعلان موقفه حيال معايير تحديد المقاتلين الإرهابيين الأجانب، خصوصاً أن لإيران و «حزب الله» مقاتلين في سورية، معتبراً أن مهمته هي «تسهيل المفاوضات الجارية على الطاولة لا قيادتها». وقال: «لن أحدّد موقف الأممالمتحدة من هذه القضايا، لأننا حاولنا لأربع سنوات ولم ننجح، وحان الآن دور الدول لتتولى هذه التحديات». وأضاف: «وظيفتي هي التأكد من أن تجلس روسياوالولاياتالمتحدة والسعودية وإيران إلى الطاولة لتأتي بالعملية السياسية، ثم نجمع النقاط ونسير بها، لا أن نفرض نحن معادلة معينة للحل». ورداً على سؤال آخر حول معايير تحديد المجموعات الإرهابية في سورية، قال أن مجلس الأمن «حدّد مجموعتين» على أنهما إرهابيتان، وهما «داعش والنصرة وبعض التنظيمات المرتبطة بالقاعدة». وفي حين نقلت «فرانس برس» عن ديبلوماسيين أنه خلال الاجتماع المغلق لمجلس الأمن، تطرّق دي ميستورا الى إمكان التوصل إلى «نتيجة ملموسة» في فيينا السبت، قالت سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة سامنتا باور، في تغريدة على موقعها في «تويتر»، أن محادثات فيينا يجب أن «تؤدي إلى وقف لإطلاق النار وفتح الطريق أمام حل سياسي». وقال سفير بريطانيا ماثيو ريكروفت، الذي يرأس مجلس الأمن لهذا الشهر، أن الدول ال15 الأعضاء في المجلس أعربت عن «دعمها التام» للجهود التي يبذلها موفد الأممالمتحدة. وكان لافتاً تناول الصين المسألة السورية في إطلالة غير مسبوقة للسفير الصيني لوي جيي في لقاء مع الصحافيين، إذ شدّد على «ضرورة تآزر الجهد الدولي في محاربة الإرهاب» في سورية. وقال أن الأزمة السورية تمرّ في مرحلة حساسة «بالنسبة إلى تعزيز جهود الحل السياسي»، داعياً «الأطراف السوريين إلى العمل تحت رعاية الأممالمتحدة للخروج سريعاً باتفاق مبكر على ترتيبات الحل السياسي بناء على بيان جنيف». ورحّب جيي بانعقاد اجتماع فيينا، مشيراً إلى أن الصين «ستواصل دعم الاجتماع الوزاري الثاني» المرتقب السبت، و «نأمل بأن يدفع قدماً للتوصّل الى حل من طريق المفاوضات». وأشار إلى أن مجلس الأمن تبنى قرارات «تحت الفصل السابع في شأن تنظيم داعش، وهذا يعكس إجماع المجتمع الدولي» على محاربة الإرهاب في سورية. وأضاف أن «كل الدول في مجلس الأمن والدول المشاركة في اجتماع فيينا تدعم القتال ضد داعش وسواه من العناصر الإرهابية، بناء على قرارات مجلس الأمن». واعتبر أن «الجهد الدولي ضد الإرهاب يجب أن يؤازر بعضه بعضاً ويعمل معاً، وهو أمر يمكن الأممالمتحدة أن تؤدي فيه دوراً أكبر في التنسيق في محاربة الإرهاب». وتجنّب جيي تحديد موقف واضح لبلاده من الطرح الروسي المتداول في شأن تسوية الأزمة السورية، قائلاً: «موقفنا أنه يجب توقُّف سفك الدماء والعنف في أسرع وقت، بحيث نعمل لأجل مستقبل سورية وشعبها، ودعم جهود الأممالمتحدة والمبعوث الخاص دي ميستورا، ويجب أن نحقق التآزر في محاربة الإرهاب». الكيماوي وأوجز السفير البريطاني ماثيو ريكروفت، في غضون ذلك، ما جاء في إحاطة دي ميستورا في الجلسة المغلقة، مشيراً في الوقت نفسه إلى تطوّر في ملف التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية. وقال أن مجلس الأمن «يدعم بالكامل جهود المبعوث الخاص بهدف تفعيل بيان جنيف1، ويتطلع إلى عقد الاجتماع المقبل» في فيينا على المستوى الوزاري، و «يجدد تأكيد سيادة سورية ووحدتها واستقلالها». وأضاف: «نريد أن تبدأ المفاوضات بانخراط جميع الأطراف المعنيين بهدف تحويل بيان جنيف إلى واقع». وأشار إلى أن لجنة التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية ستبدأ عملها الجمعة، عملاً بإخطار وجّهه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى مجلس الأمن. وقال أن أعضاء في مجلس الأمن «دعوا إلى ضرورة التحقّق من صحة البيانات التي قدّمتها الحكومة السورية عن مخزونها الكيماوي، وهو أمر لا ينفي الادعاءات بأن تنظيم داعش أيضاً استخدم أسلحة كيماوية». ولفت إلى تقارير سابقة للجنة تقصّي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، التي أكدت أن الأسلحة الكيماوية قد استخدمت بالفعل. وقال أن عمل لجنة التحقيق الجديدة «تحديد المسؤوليات»، مشيراً إلى «ضرورة محاسبة الضالعين في الهجمات الكيماوية» في سورية.