في إحدى المحال الخاصة ببيع الملابس الداخلية والمستلزمات النسائية تجد نماذج مختلفة لسيدات يقمن بشراء حاجاتهن الخاصة، في أحد أركان المتجر بائع يختار مع الزبونة ملابسها الخاصة والأكثر حميمية، ويبدي رأيه في الألوان والمقاسات وما يناسبها وما لا يناسبها من الملابس الداخلية وقمصان النوم، امرأة، سعودية في كثير من الأحيان وغير سعودية في أحيان أخرى، تجري محادثة مع رجل غريب عنها تماماً في ما يخص مقاساتها الخاصة، تسأله عن الألوان والموديلات المختلفة فيعددها ويقترح عليها لوناً محدداً يعتقد أنه اللون الأنسب لها بعدما حصل على فكرة كاملة عن ذوقها ومقاساتها. في جانب آخر تجد امرأة تحاول أن تختار ما يناسبها وأن تأخذ من البضاعة المتوفرة أمامها ما فيها من قياساتها، ولكنها لا تستطيع أن تفلت من البائع الآخر الذي يلاحقها ليتأكد من أنها ستجد ما تحتاج، ويطلعها على العروض والألوان، ويسألها عن القياس المناسب لها، وربما يبدي رأيه في القياس المطلوب فيقول وبلهجة عامية: «لدينا عروض رائعة على الملابس الداخلية الخاصة «.....» فلو اشتريت قطعتين تحصلين على الثالثة مجاناً، ويمكنك شراء خمس قطع ب 180 ريالاً من هذا الموديل الرائع، سيناسبك جداً ويعجبك ملمسه... إلخ»، تشكر المرأة البائع باستحياء وتحاول تدبير أمرها مبتعدة عنه، ولكنه لا يكف عن ملاحقتها ليس بقصد مضايقتها، ولكنه يريد التأكد أنه سيتمم عملية البيع ويتأكد أن الزبونة ستحصل على ما تريد وعليه أن يوضح لها وجود الاختيارات المختلفة. امرأة أخرى تدخل للمتجر فتختار سريعاً ما تحتاج من البضاعة المعروضة أمامها، يلمحها البائع فيقدم خدماته ويبدي رأيه بأن ما اختارته ربما لا يناسب قياساتها وأنه يتوفر لديهم قياسات أكبر وألوان أجمل، فهو يعرف تماماً كيف يحدد المقاس اللازم بحكم الخبرة والمتابعة اليومية، لا تستطيع أن تتجاهله كثيراً حتى تصيح في وجهه بأن هذا أمر لا يخصه وعليه أن يبتعد عنها تماماً، يحرج البائع ويبتعد عنها في صمت، هو لم يقصد الإساءة وإنما يريد المساعدة ويريد أن يتمم البيع، فهل ذنبه أنه يبيع بضاعة حساسة؟ تجد أيضاً في المتجر نفسه امرأة مع زوجها أو والدها أو شقيقها، المهم رجل ما، لأنها تستحي أن تشتري ملابسها الخاصة من رجل غريب بمفردها أو لا يسمح لها رجلها بأن تشتري بمفردها، هي تختار وهو يتولى عملية المفاهمة مع البائع في المقاسات والألوان والأنواع، ولكن هذا لا يمنع أن البائع تعرف على مقاسات امرأته وعرف أن هذه المرأة تلبس المقاس الفلاني في الملابس الداخلية. هذه ليست جميع المشاهد التي يمكن أن تراها في محال بيع المستلزمات النسائية، ولكن هذه النماذج من الواقع ويمكنك أن تجدها في كل محل تشتري منه امرأة ملابسها الخاصة، ناهيك عن بعض السيدات اللواتي لا يشترين ملابسهن الخاصة إلا من خارج السعودية لتفادي مثل هذه المواقف. على رغم صدور قرار من مجلس الوزراء بتأنيث محال بيع المستلزمات النسائية في عام 1425ه، وقرار بتطبيق الإجراء في العام الذي يليه، لم نجد حتى الآن سوى وجود نسائي بسيط في بعض المتاجر، هناك بعض المجهودات الفردية من ورش العمل والحملات النسائية التي تطالب بمقاطعة هذه المتاجر إذا لم توجد فيها المرأة ولكن ما زالت معظم المحال الكبيرة والمعروفة يبيع فيها رجال بغض النظر عن الأسباب. رفض غير منطقي لوجود امرأة تؤدي عملاً في موقع من الطبيعي أن توجد فيه، ففي الدول العربية وحتى الأجنبية تقف النساء على بيع المستلزمات النسائية الخاصة، وقلما تجد رجلاً في هذه المتاجر، ترى ما المشهد الأكثر إحراجاً؟ فتاة محترمة تؤدي عملها فتبيع سلعتها بجدية ومهنية، أم رجل غريب يناقش زبونة في أدق خصوصيات حاجاتها من الملابس النسائية؟ [email protected]