حذّر وزير الصحة المهندس خالد الفالح، من خطورة تفشي أمراض السمنة والسكري بين الشباب الخليجي، ولاسيما السعودي، موضحاً أن نسبة الإصابة بالسكري في دول الخليج العربي، راوحت بين 15 و 20 في المئة، وتقع ضمن المراكز ال20 الأولى عالمياً في انتشار السمنة بين مواطنيها. وأبان وزير الصحة أن هذا الخطر لا يهدد الحياة البشرية فحسب، بل يتعداها إلى تهديد موارد الدول، لما يشكله من عبء اقتصادي، مستشهداً بتقرير الاقتصاد العالمي، الذي أوضح أن كلفة معالجة داء السكري بلغت 500 بليون دولار خلال عام 2011، وسيرتفع إلى 750 بليوناً عام 2030. فيما يتوقع أن يلتهم المرض نحو 40 في المئة من الموازنات الصحية للدول. وأفاد الفالح خلال تدشينه أمس مؤتمراً عالمياً لمواجهة مرض السمنة والسكري، بأن «تقارير منظمة الصحة العالمية، بينت أنّه خلال ثلاثة عقود فقط زاد معدل انتشار السمنة في العالم إلى أكثر من الضعف، وأنّ مرض السكر سيكون السبب السابع للوفاة بحلول عام 2030، وأن معدل انتشار هذين المرضين يرتفع في دول العالم النامية». وقال وزير الصحة السعودي، في كلمته خلال المؤتمر الذي ينظمه المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون، إضافة إلى مؤسسات ومنظمات صحية من داخل المملكة وخارجها: «إن المؤتمر الدولي، يناقش قضيّتَي السُمنة والسكر المترابطتين، اللتين تستفحلان في منطقة الخليج العربي، وتستنزفان كثيراً من الجهود الطبية والكلفة المالية»، مشيراً إلى أن المجتمع الخليجي «يقع في قلب هذا الخطر، وهو مجتمعَ فتيٌ جداً، إذ تقل أعمار غالبية مواطنيه عن 30 سنة، وهو ما يؤكد أن هذين المرضين يهددان ثروة مجتمعنا الحقيقية المتمثلة في فئة الشباب». ولفت الفالح إلى أن وزارته تتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية؛ «لتوفير الدعم المالي المناسب بما يخدم أولوياتها الصحية، وإنشاء معهد صحي بحثي متخصص على غرار NIH الأميركي الذي أصبح ضرورة لتقّدم الخدمات الصحية، معرباً عن أمله للعلماء والخبراء والمختصّين وجميع الحضور في المؤتمر الدولي، بالخروج بنتائج وتوصيات، «ترسم خريطة الطريق للتحكم بهذين المرضين ومخاطرهما على صحة الإنسان والمجتمع». بدوره، قال المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الدكتور توفيق خوجة: «إن السعودية تبنت القضايا الصحية المهمة على المستوى الخليجي والإقليمي والعالمي، انطلاقاً من دورها الريادي ومن التفهم الكامل بعظم المسؤولية التي نحملها؛ لتحقيق أنبل الأهداف، وهي: تحقيق الرعاية الصحية الآمنة ضمن المنظومة الدولية الصحية»، موضحاً أن المؤتمر يناقش واحدة من أهم القضايا المعاصرة، التي يضعها قيادات ومخططي العمل الصحي في مقدم الأولويات الإستراتيجية، وهي «توقِّي ومكافحة السمنة وداء السكري كجزء رئيس من منظومة مكافحة الأمراض غير المعدية وانتشارها». وأشار خوجة إلى أن الإحصاءات والدراسات الوبائية المبكرة في بعض دول الخليج، «أثبتت أن انتشار داء السكري بصورة وبائية، جعلت منه خطراً صحياً على المستوى الوطني»، مبيناً أن أهمية هذا المرض، «تأتي لارتفاع نسبة الإصابة بمضاعفاته المزمنة المتمثلة في رفع الكلفة الإجمالية لهذا الداء على المستوى الوطني، وهو ما أرهق الخدمات الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، وتتوقع منظمة الصحة العالمية بازدياد العبء الكبير على كلفة الرعاية الصحية بحلول عام 2030، وهو ما سيلتهم نحو 40 في المئة من الموازنات الصحية الضخمة للدول حينذاك». نصف السعوديين مصابون بالسكري عام 2030 أوضح رئيس المؤتمر العالمي لمواجهة مرض السمنة والسكري الدكتور سعود الحسن، أن دراسات كشفت أن معدل انتشار داء السكري في دول المجلس بلغ مستويات قياسية، «إذ تقدر النسبة حالياً في المملكة بما بين 12 و 24 في المئة، ويرتفع المعدل مع التقدم في العمر، إذ يبلغ نحو 8 في المئة في الفئة العمرية أقل من 35 سنة، ليصل إلى 50.4 في المئة في الفئة العمرية من 65 سنة فأكثر»، لافتاً إلى أن الاتحاد الدولي للسكر توقع أن يرتفع عدد المصابين بالسكري في المملكة، بحلول عام 2030 من 24 في المئة إلى 50 في المئة. وقال الحسن: «إن عدد الأبحاث التي تم تقديمها إلى لجنة المؤتمر بلغ 83 بحثاً، تم قبول 39 بحثاً منها، وتسعة ملصقات علمية». وذكر أن المؤتمر، الذي يستمر ثلاثة أيام، ويشارك فيه 15 خبيراً ومتحدثاً من خارج المملكة و8 خبراء من دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى 17 متحدثاً من داخل المملكة، يسعى إلى الخروج بتوصيات ومبادرات وأفكار تسهم في دعم التوجه الوطني لمكافحة داء السمنة والسكري، وتأصيل الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة التي ترتكز على أسس علمية ومعطيات يقينية، وتعزيز الدور المحوري للجهات الحكومية والأهلية ومنظمات المجتمع المدني، علاوة على وضع خريطة طريق؛ لتعزيز البحث العلمي ودعم الأساليب المتطورة لمواجهة هذه المشكلة في دول الخليج. ودعا الحسن إلى تبني خطة محكمة توازي بين الوقاية أولاً ومن ثم الكشف المبكر والعلاج والمتابعة، «خطة معتمدة تقوم فيها جميع القطاعات ذات العلاقة بواجباتها وليس وزارة الصحة فقط، بل يشترك فيها كل من له علاقة باستيراد أو إنتاج الغذاء، وجميع وسائل ووزارات التعليم والإعلام، وجميع الجهات الخدمية والإشرافية على صحة البيئة والبلديات، إضافة إلى الجهات التشريعية والاقتصادية والمالية». كما دعا إلى تبني مبادرة عالية المستوى لإنشاء تجمع على مستويين وطني وخليجي، «يشرف على برامج متكاملة؛ للحد من تفشي هذه الأوبئة العصرية وأمثالها، ورفع المستوى الصحي للمواطنين والمقيمين».