سعت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في تركيا أمس، إلى إقناع أنقرة بخطة جرى التفاوض في شأنها بين الأتراك والأوروبيين، لوقف تدفق المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي. وأتت زيارة مركل لتركيا في وقت لم تتعاف ألمانيا بعد من وقع صدمة اثر هجوم تعرضت له سياسية ألمانية تؤيد استقبال اللاجئين. والتقت مركل رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في إسطنبول قبل لقائها الرئيس رجب طيب أردوغان. وتركزت المحادثات على «خطة العمل» التي أعلنها الاتحاد الأوروبي الخميس، لحمل أنقرة على وقف تدفق المهاجرين خصوصاً الذين يفرون من الحرب في سورية على البقاء في تركيا. لكن تركيا التي تستقبل أكثر من مليوني لاجئ، وصفت هذه الخطة ب»مشروع» ذات موازنة «غير مقبولة»، معتبرة أنها تحتاج إلى ثلاثة بلايين يورو على الأقل للعام الأول. ويريد الاتحاد الأوروبي أن تستقبل أنقرة المزيد من اللاجئين وتعزز مراقبة الحدود، لكن أنقرة تطلب تحريك المفاوضات حول ترشيحها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وسهولة حصول الأتراك على تأشيرات لدخول الاتحاد. وأورد مركز «يوروبيان ستابيليتي انيشاتيف» في مذكرة مخصصة لزيارة مركل انه «في حال لم تتوصل ألمانياوتركيا إلى اتفاق ليس هناك أي حل وستستمر هجرة السوريين إلى الاتحاد الأوروبي». وفي ألمانيا، تواجه مركل صعوبات بسبب سياسة استقبال المهاجرين خصوصاً في معسكرها المحافظ. وأخذ الجدل منحى مختلفاً السبت مع تعرض المرشحة المستقلة لرئاسة بلدية كولونيا هنرييت ريكر السبت لطعنات سكين في العنق. وأعلنت الشرطة أن الهجوم «سياسي» ارتكبه رجل معروف بدوافعه «العنصرية» ضد امرأة مكلفة في البلدية استقبال اللاجئين. وأعلنت الصحافة أنه نظراً إلى أن المشتبه به كان مقرباً من أوساط اليمين المتطرف في التسعينات، كانت السلطات تخشى منذ أسابيع من وقوع «أعمال إرهابية من اليمين المتطرف» بسبب تدفق اللاجئين. وخطاب التيار الشعبوي ازداد تشدداً مع تدفق اللاجئين إلى ألمانيا حيث من المتوقع وصول ما بين 800 ألف ومليون طالب لجوء هذا العام. وأعلنت السلطات أن الطبقة السياسية وضعت في طليعة أولوياتها مكافحة اليمين المتطرف المسؤول عن عشرات الهجمات منذ مطلع العام على مساكن لاجئين. وقالت إيدان أوزوغوز المكلفة عملية الدمج في الحكومة الألمانية: «ربما سنستخلص الدروس من (الهجوم) بأنه يجب التحرك بعزم ضد مثيري الشغب». وقال بيتر التماير مدير مكتب مركل ومنسق السياسة الألمانية في شأن أزمة الهجرة: «علينا في كل لحظة الابتعاد عن أي شكل من أشكال العنصرية والعنف» . لكن بعض الأصوات تطالب بإغلاق الحدود وهو إجراء رفضته مركل مراراً واصفة إياه بأنه «حل خاطئ». تدفق مستمر إلى ذلك، أعلن خفر السواحل اليوناني أمس، أن خمسة مهاجرين هم رضيع وصبيان وامرأتان، قضوا غرقاً في بحر إيجه أثناء محاولة للوصول إلى اليونان من السواحل التركية. وتدفق إلى الاتحاد منذ مطلع العام مئات آلاف المهاجرين يرغب معظمهم في التوجه إلى المانيا وأوروبا الشمالية. وإلى الآن، أظهرت العواصم الأوروبية عجزها عن إيجاد حلول عبر التشاور لمعالجة تدفق المهاجرين. ومنذ السبت، سلك المهاجرون عبر سلوفينيا الطريق إلى النمسا ثم إلى ألمانيا بالآلاف، بعد أن أغلقت هنغاريا حدودها مع كرواتيا. وتولت السلطات النمسوية السبت، أمور حوالى ألف أفغاني وسوري وعراقي أتوا من نقطة سبيلفد الحدودية. وكان قطار ينقل أكثر من ألف مهاجر ينتظر الأحد في شمال كرواتيا ليتجه إلى سلوفينيا في حين عبر ثلاثة آلاف الحدود السبت. واصطفت نحو 40 حافلة مكدسة بالمهاجرين لدخول كرواتيا من صربيا أمس، مع تباطؤ تدفقهم إلى غرب أوروبا بسبب تحويل مسارهم عبر سلوفينيا مع تدهور أحوال الطقس. وأمضى الكثيرون ليلهم في الباصات وتدثروا بثياب دافئة وبطانيات تقيهم من برد الخريف. واستيقظوا ليجدوا أنفسهم مغلفين بضباب كثيف. وقال خير (40 سنة) وهو مدير مبيعات سابق من العاصمة السورية دمشق: «هذا الجزء من الرحلة استغرق 20 ساعة ونحن هنا منذ نحو 12 ساعة. ما الذي يمكن أن نفعله؟ نحن هنا وعلينا الانتظار». وأغلقت هنغاريا حدودها الجنوبية مع كرواتيا أمام المهاجرين في منتصف ليل الجمعة، لتجبرهم على التحرك غرباً إلى سلوفينيا التي تنتمي أيضاً لعضوية الاتحاد الأوروبي. وسلوفينيا هي جمهورية يوغوسلافية سابقة يسكنها مليونا شخص ولها حدود أيضاً مع النمسا. ودخل حوالى ثلاثة آلاف شخص سلوفينيا السبت في طريقهم إلى النمساوألمانيا، المقصدين المفضلين لمعظم المهاجرين. وكثير منهم سوريون هاربون من الحرب.