هل بات مهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال على أبواب الانضمام إلى قافلة المهرجانات السينمائية الخاوية من مضمون لافت أو تطور مدهش؟ سؤال يتصدر واجهة المهرجان الأكبر في الشرق الأوسط والعالم العربي لسينما الأطفال، بينما يحتفل بدورته العشرين من دون أي تغيير ملحوظ في خريطة سينما الأطفال في مصر. يفقد المهرجان، الذي افتتحه وزير الثقافة المصري فاروق حسني، وتستمر فعالياته حتى 11 من الشهر الجاري، كل عام من أساساته حجراً يهدد بهبوط أسهمه بين المهرجانات الدولية، التي تعنى بالنمط السينمائي نفسه. يرى رئيس المهرجان الدكتور فوزي فهمي أن هدف المهرجان ينحصر في فتح آفاق من التعارف بين الثقافات كخطوة نحو إنتاج فيلم أطفال مصري، فضلاً عن إلقاء الضوء على فن سينما الأطفال ونشر ثقافته بينما إنتاج الفيلم هو مهمة المنتجين. رؤية فهمي لرسالة المهرجان مستوحاة من نمط العمل الروتيني البيروقراطي في الهيئات الحكومية في الدول العربية، التي تعنى بإنجاز منتوج من دون مضمون أو جودة لمجرد الانتهاء من العمل ليس أكثر. لن يتحفز المنتجون في مصر لإنتاج أفلام سينمائية للأطفال من دون احتمالات بجذب شباك التذاكر لملايين الجنيهات، وهو ما يحتاج إلى عمل دؤوب وورش عمل للأطفال والمخرجين والمؤلفين غالبية أشهر السنة ليس فقط لأيام معدودات لضمان الخروج بفيلم سينمائي مكتمل العناصر يحقق نجاحاً جماهيراً وفنياً. فهل أسبوع المهرجان كفيل بنشر ثقافة سينما الأطفال ولفت أنظار الجمهور والمنتجين إلى هذا النمط السينمائي الذي يطل برأسه على استحياء في مصر؟ يصعب الجزم بهذا بعد 20 عاماً من دون نتيجة تذكر، حتى أضحت سنوات المهرجان كثيرة وإنجازاته قليلة. لذا، يفضل نقل جزء من هذه المهمة الثقافية الى التلفزيون أو وسائل الإعلام الجديد التي تجذب الملايين شهرياً، وبالتالي توفير آلاف الجنيهات التي تذهب سدى كل عام على حفلة تكريمات وتوزيع جوائز تسمي مجازاً «مهرجان». ومهما يكن هذه نظرة سريعة على برنامج المهرجان والأفلام المشاركة. يشارك هذا العام في المهرجان 52 دولة غالبيتها أوروبية، فضلاً عن 6 دول عربية هي لبنان والإمارات وليبيا والسودان والأردن والمغرب بأكثر من 200 عمل. ستحكم بينها لجان برئاسة نعيم الباز. وتتضمن فعاليات المهرجان قسماً خاصاً لعرض جميع الأعمال التي فازت بالجائزة الذهبية على مدار ال19 دورة الماضية. كما يعرض المهرجان أفلاماً من دول مختلفة نالت جوائز في مهرجانات السينما الدولية ومنها: الصين وروسيا والهند وفنلندا وبولندا وأسبانيا وإنكلترا وهولندا. ويضم المهرجان أقساماً خاصة من دول عدة، منها قسم خاص تحت عنوان أفلام حاصلة على جوائز في مهرجانات دولية يعرض من خلاله 32 فيلماً من مختلف دول العالم. وتشارك مصر في هذه الدورة ب70 عملاً، بين أفلام روائية قصيرة ورسوم متحركة وتسجيلية وبرامج تلفزيونية، بعضها يمثل القنوات وقطاعات الإنتاج التابعة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، وبعضها الآخر تقدمه جهات الإنتاج التابعة لوزارة الثقافة. ومن أبرز الأعمال المصرية المشاركة، مسلسل «بسنت ودياسطي» للمخرج سامح مصطفى، وتدور أحداثه حول تحدي دياسطي الذي يسكن في كفر أبو عجوة في إحدى القرى النائية في الصعيد مدينة «كان» الفرنسية، معلناً إقامة مهرجان سينمائي دولي (مهرجان أبو عجوة السينمائي) على غرار مهرجان «كان» الشهير، وهناك أيضاً فيلم «مهم جداً» إخراج أحمد فوزي ويتناول ظاهرة التحرش الجنسي وسبل مكافحته، وفيلم «أطفال الشوارع» إخراج خالد علي حسن ويتناول ظاهرة أطفال الشوارع، أسبابها وسبل إيجاد حلول لها ودور المجتمع المدني والقانون في التصدي لها. ومن الأنشطة التي ينظمها المهرجان، نشاط بعنوان «قضايا الطفولة والعنف ضد الأطفال»، وتعرض في إطاره خمسة أفلام تتناول قضايا الطفولة وما يتعرض إليه الأطفال من عنف سواء في المنزل أو المدرسة أو الشارع. وتحفل فعاليات المهرجان بالعديد من الورش الفنية التي تهدف إلى تنمية قدرات الأطفال الفنية تحت إشراف نخبة من المتخصصين في مختلف مجالات فنون الطفل. ومن هذه الورش ورشة بعنوان «الإدمان وكيفية التصدي له» التي تقيمها مؤسسة «أنيماتون – Anemathon» الكندية، وتهدف إلى تعريف الأطفال أسس صناعة أفلام متحركة وحضهم على تطوير أفكارهم حول موضوع «الإدمان» وكيفية التصدي له. ويحرص المهرجان منذ 6 سنوات على تنظيم قسم «من الطفل للطفل»، وتشارك فيه مجموعة من الأعمال الفنية التي أخرجها أطفال من خلال ورش عمل. وكرم وزير الثقافة خلال حفل الافتتاح عدداً من الفنانين لإسهاماتهم المختلفة في أعمال الأطفال الفنية، وقدم إلى كل منهم دروع التكريم وشهادات التقدير وفي مقدمهم يحيى الفخراني، وعبدالرحمن أبو زهرة، ومحسنة توفيق، وسميرة عبدالعزيز، وأشرف عبدالباقي، ومحمد هنيدي، والشاعر شوقي حجاب، والمطربة عفاف راضي والمطرب طلعت عطية، والمطربة نانسي عجرم، وفنان البانتوميم أحمد نبيل. يذكر أن فكرة إقامة المهرجان ولدت عبر الاتحاد العام للفنانين العرب ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي، إذ اتخذ الكاتب الراحل سعد الدين وهبة، رئيس الاتحاد والمهرجان وقتها، الخطوات العملية لدخول الفكرة حيز التنفيذ، وكان انطلاق الدورة الأولى للمهرجان عام 1990.