فجر شريط فيديو يُظهر مجموعة من رجال الأمن الفلسطينيين وهم يعتدون بالهراوات على فتى فلسطيني في مخيم قرب بيت لحم مساء الجمعة، موجة من الجدل الحاد بين الفلسطينيين في شأن دور الأجهزة الأمنية، والعقيدة الأمنية لأفرادها، والتعليمات التي يتلقونها في شأن التعامل مع أبناء شعبهم، والتنسيق الأمني مع إسرائيل. ويظهر الشريط تناوب حوالى عشرة من رجال الأمن على ضرب فتى من مخيم العزة قرب بيت لحم بالهراوات في الشارع العام، بعد تعرضهم الى الرجم بالحجارة والزجاجات الفارغة أثناء منعهم متظاهرين من الوصول إلى نقطة للجيش الإسرائيلي على أطراف المدينة. وتداول المئات من الفلسطينيين الشريط على مواقع التواصل الاجتماعي، ما وسع دائرة الانتقاد والاحتجاج والمطالبات بمحاكمة رجال الأمن وفصلهم، وتغيير التعليمات المقدمة لهم، ووقف التنسيق الأمني. وسارعت السلطة الفلسطينية إلى إعلان تشكيل لجنتين للتحقيق في الحادث، متعهدة محاسبة الفاعلين، إذ أعلن رئيس الوزراء رامي الحمدالله تعيين لجنة تحقيق برئاسة محافظ بيت لحم، فيما اعلن رئيس جهاز الأمن الوطني تشكيل لجنة تحقيق داخلية. وقال الناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري أن استخدام القوة المفرطة عمل مرفوض وخارج عن القانون. وأوصح في حديث لإذاعة «موطني» أن «ما جرى مبالغ في، ولا نلوم المواطن على الانتقاد البناء للأجهزة الأمنية»، مشيراً إلى دور الأجهزة في مساعدة المواطنين في بناء أو ترميم بيوتهم، والسهر على أمنهم وسلامتهم. لكن الإعلان عن تشكيل لجنتي التحقيق لم يوقف الانتقادات الحادة والجدل في شأن دور الأجهزة الأمنية. وأصدرت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» بياناً قالت فيه إن حادث الاعتداء «تخطى كل الأعراف الوطنية»، معتبرة اعتراف الأجهزة الأمنية بالخطأ وقولها إنها ستحاسب من نفذ هذا «الاعتداء الوحشي»، بأنها «تبريرات واهية، لا تبرر على الإطلاق تكرار هذه الاعتداءات». وقالت في بيانها: «هذه الاعتداءات ليست حالات فردية أو تجاوز لبعض عناصر الأجهزة الأمنية، بل هي نهج سلطوي بامتياز يجب أن يتوقف فوراً، فمن يقهر شعبه ويعتدي عليه يخدم مشروع الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر». وطالبت ب «استخلاص العبر والتخلص الجدي من عبء اتفاق أوسلو وارتباطاته السياسية والأمنية والاقتصادية، وأن تتحول أجهزة الأمن إلى أجهزة للدفاع عن أبناء شعبنا، والتصدي لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين». «حماس» واعتبر القيادي في حركة «حماس» في الضفة الغربية وصفي قبها الاعتداء على المسيرات في الضفة «قطرة في بحر الانتهاكات الفلسطينية لحقوق الإنسان». وأشار في تصريح أمس إلى أن أجهزة السلطة اعتقلت الجمعة «أكثر من 20 مواطناً خرجوا لرفض انتهاكات الاحتلال في حق الأقصى». وظهرت انتقادات للأجهزة من أوساط عديدة في حركة «فتح»، منها اتهام النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني جمال الطيراوي قيادات أمنية في السلطة بشن حملات في مدن الضفة ومحافظاتها بذريعة «الفلتان الأمني». يذكر أن أجهزة امن السلطة تمنع التظاهرات والمسيرات من الاحتكاك مع نقاط الجيش الإسرائيلي المقامة على مقربة من بعض مدن الضفة الغربية.