تحولت اراضي قرية بلعين المهددة بالجدار التوسعي ظهر امس الى ساحة معركة حقيقية بين المواطنين المدافعين عن ارضهم ووجودهم، وقوات الاحتلال المدججة بمختلف وسائل القمع، ما اوقع نحو 20 اصابة بينهم وزير فلسطيني وعضو عربي في الكنيست الاسرائيلي. فقد خرج اكثر من خمسة آلاف من ابناء القرية والمنطقة ومن المتضامنين الاجانب والاسرائيليين، يتقدمهم عدد كبير من المسؤولين الفلسطينيين من وزراء واعضاء في المجلس التشريعي وقيادات احزاب، اضافة الى اعضاء كنيست عرب، في مسيرة حاشدة اطلق عليها اسم «مسيرة العلم الفلسطيني»، باتجاه اراضي القرية التي يجري تخريبها وتدميرها لاقامة مقاطع من الجدار الاسرائيلي العنصري. ومن الشخصيات المشاركة الوزيران احمد مجلاني وصبري صيدم وقاضي القضاة تيسير التميمي، وعضوا المجلس التشريعي قدورة فارس وعزمي الشعيبي، والقيادي في حركة حماس الشيخ حسن يوسف، القيادان في الجبهة الديمقراطية عمر عساف وقيس عبدالكريم، وامين عام المبادرة الفلسطينية مصطفى البرغوثي وعضوا الكنيست احمد الطيبي وعبدالمالك دهامشة، وسفير فلسطيني في النمسا زهير الوزير. وبدات الفعالية باقامة معرض وسط البلدية للوسائل النضالية التي ابتكرها اهالي القرية في مواجهة الجدار، بضمنها سلاسل معدنية، وبراميل ونموذج للجدار مقام على الاجساد، ومشانق واشرطة لاصقة، واكفان..ومن ثم انطلق المشاركون رافعين 1500 علم فلسطيني تعبيرا عن وحدة الصف الوطني في القضايا الكبرى، بعيدا عن الخلافات الفصائلية، حيث اعترضهم الجيش ومنعهم من الوصول الى موقع التجريف بذريعة ان المنطقة عسكرية. وقد القى الشيخ التميمي خطبة الجمعة بمحاذاة الارض المهددة ومن ثم ادى المشاركون صلاة الجمعة، قبل ان ينطلقوا باتجاه موقع التجريف من اجل اقامة سلسلة بشرية تعترض الجرافات، وهو ما قوبل باعتداء وحشي وغير مسبوق من قبل قوات الاحتلال التي حشدت اعدادا كبيرة من الجنود، حسب ما ذكره عبدالله ابو رحمة من لجنة مواجهة الجدار ل «الرياض». وانهال الجنود باعقاب البنادق والهراوات قنابل الغاز والصوت والرصاص الحي والمعدني على المشاركين، ووقعت اشتباكات بالايدي بين الطرفين، ما ادى الى اصابة عضو الكنيست احمد الطيبي والوزير مجلاني جراء الاعتداء عليهما ومئات المواطنين بالضرب بالهراوات واعقاب البنادق. واثر ذلك وقعت مواجهات عنيفة جدا تواصلت حتى ساعات ما بعد الظهر، حيث هاجم المواطنون بالحجارة قوات الاحتلال التي لاحقتهم واعتدت عليهم بالرصاص والغاز والهراوات، ما ادى الى اصابة مصطفى البرغوثي بقنبلة غاز في ساقه، اضافة الى اكثر من 15 مواطنا آخرين (حتى الساعة الثانية والنصف ظهرا). كما اعتقلت قوات الاحتلال خلال التظاهرة اثنين من نشطاء السلام الاسرائيليين. من جهة اخرى، اعتقلت قوات الاحتلال ، فجر اليوم، ثلاثة شبان من بلدة عتيل شمال طولكرم وذلك خلال عملية اقتحام طالت عددا كبيرا من منازل المواطنين. والمعتقلون هم : نضال حسين جوابرة، نضال جميل عبدالله أبو خليل، من قوات الأمن الوطني، وسائد رشدي توفيق مكحول، وهو طالب في جامعة بير زيت. على صعيد اخر، ذكرت صحيفة هراتس الاسرائيلية اليوم ان وزير الحرب الاسرائيلي ابدى رغبة في نقل السيطرة الامنية على ثلاث مدن فلسطينية جديدة للسلطة الفلسطينية قبل تنفيذ ما تسمى خطة فك الارتباط في 15 اب، كما هو مقرر اسرائيليا. وتاتي هذه الرغبة في سياق ما اسمته الصحيفة جملة من بوادر حسن النية التي تعتزم اسرائيل تقديمها للفلسطينيين خلال اللقاء المزمع بين الرئيس محمود عباس ورئيس حكومة الاحتلال ارئيل شارون والمقررة في 21 الشهر الجاري، كما اعلن في وقت سابق. وكانت اسرائيل سلمت السيطرة الامنية عل مدينتي اريحا وطولكرم، فيما جمدت نقل الصلاحيات الامنية في ثلاث مدن هي رام الله وقلقيلية وبيت لحم، بزعم عدم قيام الفلسطينيين بتنفيذ التزاماتهم فيما يتعلق بجمع اسلحة المطلوبين في المدينتين المنقولتين. وتشمل بوادر حسن النية المزمع تقديمها للفلسطينيين، والتي يعكف جهاز امن الاحتلال في هذه الايام على اعدادها عودة عائلات فلسطينية من قطاع غزة الى الضفة الغربية بعد ان تم ابعادهم الى القطاع بعد تنفيذ ابنائهم هجمات استشهادية، اضافة الى مواصلة البحث في اعادة مبعدي كنيسة المهد في بيت لحم الذين ابعدوا الى دول اوروبية بعد حملة السور الواقي العسكرية الواسعة النطاق في الضفة الغربية خلال العام 2002. يشار الى ان جميع «بوادر حسن النوايا » الاسرائيلية تم تقديمها في الماضي للفلسطينيين لكن اسرائيل تراجعت عن تنفيذها أو انها نفذتها بصورة جزئية. وقد نصت تفاهمات قمة شرم الشيخ اعادة عائلات الاستشهاديين الفلسطينيين المبعدين الى القطاع ومبعدي كنيسة المهد الى بيت لحم في اكثر من مناسبة كان اخرها في قمة شرم الشيخ الاخيرة. لكن اسرائيل نفذت تعهدها باطلاق سراح 900 اسير فلسطيني بعدما اطلقت امس سراح الدفعة الثانية من الاسرى الذين لم يدانوا بتنفيذ هجمات ضد اهداف اسرائيلية وقتل فيها اسرائيليين. وفيما رفضت اسرائيل مطلبا قدمته السلطة الفلسطينية باطلاق سراح اسرى فلسطينيين قدامى اعتقلوا قبل توقيع اتفاق اوسلو في العام 1993 وادينوا بتنفيذ هجمات، ألمحت الحكومة الاسرائيلية امس الى إمكان اطلاق سراح عدد محدود جدا من هؤلاء الاسرى في المستقبل.