تحت رعاية ولي العهد.. انطلاق مؤتمر مبادرة القدرات البشرية غدا    بتنظيم من وزارة التعليم "زين السعودية" الراعي الرقمي للمعرض الدولي للتعليم (EDGEx)    الصحة تدعو للمشاركة في أكبر فعالية مشي تُقام بالمملكة    جمهور الاتحاد يصنع المجد وينافس نفسه!    الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يؤكّد استمرار دعم الاتحادات الوطنية والإقليمية    الراجحي يتعرض لحادث في رالي باها الأردن    "المنافذ الجمركية" تسجّل أكثر من 890 حالة ضبط خلال أسبوع    القبض على 27 لتهريبهم 405 كيلوجرامات من "القات"    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. جائزة الملك فيصل تكرّم بعد غدٍ الفائزين بها لعام 2025    وفد البرلمان العربي يزور مكتبة البيروني في طشقند    انطلاق فعاليات معرض الشرق الأوسط للدواجن بنسخته الرابعة الاثنين المقبل بالرياض    المؤتمر الصحفي لانطلاق الملتقى العالمي للورد الطائفي    ضبط (18669) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل في مناطق المملكة خلال أسبوع    تشكيل النصر المتوقع أمام الرياض    جيسوس لا يستسلم: فارق ال 7 نقاط ليس كبيرًا    خليفة جيسوس.. انتظار انزاغي وموافقة رازفان    فريق صُنّاع التميز التطوعي ينفذ مبادرة "عساكم من عوّادة" بالتعاون مع جمعية الإعاقة السمعية في جازان    "فيفا" يطرح تذاكر إضافية لمباريات كأس العالم للأندية في أمريكا    دعوى أمريكية تطعن في عقوبات ترامب على المدعي العام للجنائية الدولية    انطلاق فعاليات مؤتمر القصيم الأول لطب الأسرة    البيت الأبيض يعترف بصعوبة التفاوض على صفقات تجارية متعددة    انزلاق طائرة بعد هبوطها واصطدامها بسور مطار فاس في وسط المغرب    مجموعة الاتصال الوزارية بشأن غزة تدعو لوقف النار وترفض التهجير    اتحاد القدم يختتم دورة المحاضرين في الرياض بحضور 33 محاضراً ومحاضرة        FreeArc سماعات بخطافات للأذن    معايدة الموظفين تكسر الروتين وتجدد الفرحة    أمين عام غرفة جازان: تتويج الغرفة بجائزة التميز المؤسسي ثمرة سنوات من التحديات والتطوير    مشامر الجلوات السبع صناعة هندية وطقوس سعودية    هرمون التستوستيرون عند النساء    الجاسر ريادة المعرفة والتنوير في قلب الجزيرة العربية    شركة "لسان الميزان – محامون ومستشارون" تستقبل الدكتور محمد بادغيش في جازان    أمين منطقة القصيم يلتقي مدير مكتب جمعية الوداد الخيرية بالمنطقة    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُفعّل "التوعية بالقولون العصبي"    مستشفى أحد رفيدة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للصحة"    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وهيئة التراث توقعان مذكرة تفاهم    475 ألف غرفة مرخصة في المرافق السياحية بنهاية 2024    إعادة توطين 124 من طيور الحبارى النادرة في محمية الملك سلمان الملكية    جامعة الأميرة نورة تمنح حرم خادم الحرمين الأميرة فهدة آل حثلين درجة الدكتوراه الفخرية في المجال الإنساني والأعمال الاجتماعية    مشروع الأمير محمد بن سلمان يُجدّد مسجداً عمره 13 قرنًا    في الخبر.."جوازك إلى العالم" تنطلق بالثقافة السودانية    الحياة الفطرية تُطلق 25 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    90 دولة تشارك بمهرجان الثقافات والشعوب    محافظ بيش ينقل تعازي سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه لذوي الطالب معاذ شيبة    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    كنوزنا المخبوءة    «السمان».. زائر موسمي للشمالية    اعتبرها مراقبون ممارسة لإستراتيجية الضغط قبيل التفاوض.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    ولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025 في السعودية    الصين تنفي إرسال جنود للمشاركة في الحرب بأوكرانيا    الاحتلال يقتحم نابلس موسعا عدوانه بالضفة الغربية    حين يتصدع السقف    مملكة الخير وميلاد قطب جديد    الحسد    سطوة المترهلين في الإدارة    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    









«كفيف»... يصنع نجماً
نشر في الحياة يوم 27 - 04 - 2009

تذكرت «هيلين كيلر» الأميركية التي فقدت البصر والسمع والنطق، إلا أنها رغم محاولة الإحباط، استطاعت أن تغير مسار حياتها وشكّلت منعطفاً مهماً ودخلت مرحلة التحدي، قامت هيلين بتأليف كتب عدة، وبلغت من الشهرة العالمية حتى حصلت على شهادة الدكتوراه.
قبل أيام لفت انتباهي قصة شبيهة بهذه المعجزة الاميركية، ولكنها هنا في السعودية، انها قصة الشاب «مهند جبريل أبو دية»، هذا الشاب الذي تغلب على ظروفه ومجتمعه ومحيط أسرته، وخرج نجماً يضيء اسمه وعلمه وفكره سماء الوطن، وتجربة يجب ان تدرس او تعمم لسبب واحد فقط هو كيف يستطيع الانسان ان يتغلب ويقهر كل الظروف التي كان من الممكن ان تحوّله الى محبط وعاطل وميئوس، المعلومات المتوافرة عنه كما نشرت، انه دخل عالم الاختراعات قبل أن يكمل العشرين من عمره، إذ تجاوزت اختراعاته المسجلة باسمه 22 اختراعاً، وأسهم في تأليف أكثر من أربعة كتب في مجال الفيزياء.
حقق العديد من المراكز المتقدمة عالمياً في مسابقات الاختراعات والابتكارات، وحصل على المركز الأول في مسابقة الفيزياء على مستوى المملكة ودول مجلس التعاون مرتين، وقاد فريق المخترعين السعوديين للحصول على المركز الثاني في مسابقة أولمبياد الاختراع في كوريا قبل عامين، وأسهم بجدارة في تأسيس أول جمعية سعودية تُعنى بدعم وتشجيع المخترعين في المملكة بإشراف مباشر من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، كما شارك في أول فريق علمي سعودي لصناعة المسرعات النووية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وأنشأ أول شركة للإنتاج الإعلامي العلمي، وشركة أخرى للإلكترونيات المتخصصة، وشبكة مواقع على «الإنترنت» للعلوم الفيزيائية باللغة العربية.
تعرض مهند جبريل أبو دية لحادث أليم أفقده بصره وأسهم أحد الأطباء في بتر ساقه بالخطأ، وظن الجميع أن المخترع الأسطورة انتهى، إلا أنه سرعان ما عاد للحياة بهمة وعزيمة أقوى ليستكمل أبحاثه واختراعاته السابقة، مكرساً جهده لدعم المخترعين السعوديين من خلال تصديه لحملة مخصصة تتضمن العديد من المحاضرات والكتب المطبوعة، والجوائز التشجيعية، التي تُعنى بنشر ثقافة الاختراع والاستفادة منها وكيفية تحويل الاختراع إلى واقع ملموس لخدمة الوطن.
بالطبع قصة نجاح مهند، وددت الحديث عنها، لأنه من الشباب الذين فقد بصره قريباً، وطريق نجاحه لم يتغير بسبب الحادث الذي تعرض له او تتراجع قدرات ذكائه، ظل محافظاً على تألقه الدراسي، وربما جعله الحادث أكثر إصراراً على التميز والابداع.
وحسب متابعتي الصحافية، وما نُشر عن موهبة مهند، فقد لمست انها كلها جهود فردية من والده الزميل والاعلامي القدير جبريل ابو دية، وأيضاً بعضاً من أصدقائه، رعاية الموهبة مثل الاحتفاظ بالجواهر الثمينة في اماكن بعيدة من العبث او التعرض للسرقة، وهي لا تأتي هكذا، تحتاج الى جهات اخرى تدعم وتقدم العون والمساعدة.
وحالة مثل مهند او غيره من المواهب سواء كان من الشباب او الشابات، أولاً نحتاج الى فريق متخصص يكتشف هذه المواهب، وللأسف الشديد هذه ليست موجودة لدينا، لدينا مندوبون يجوبون الحواري والأزقة من أجل اكتشاف المواهب الكروية، وضمها للأندية، أما جوالون لاكتشاف المواهب او القدرات الابداعية، فهذه غير موجودة، يحتاج منك ان تذهب بنفسك وتخبرهم ان لديك موهبة، وتشكل لجنة وتأخذ موعداً طويلاً ربما تصيبك بالاحباط، او تفسد الفكرة لديك، او تسمع من يقول لك، يا اخي « فكرتك قديمة» فكر في غيرها، مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، الحقيقة مؤسسة نعوّل عليها الكثير، في البداية حينما تأسست اعتقدنا انها سترسّخ مفهوم اكتشاف الموهوبين ورعايتهم، ولا تركن الى الاعتماد الذاتي من الموهوبين لمراجعة اداراتها، ولا أحد يقول عن نفسه انه موهوب، ومنذ ان تأسست لم نسمع منها تقريراً يبين لنا كم عدد الموهوبين الذين اكتشفتهم او قدمت لهم العون والمساعدة؟ وكذا كيفية الرعاية؟ او انها تطلب منهم ان ينسب الموهوبون والموهوبات نجاحاتهم الى المؤسسة، وتدخل ضمن انجازاتها السنوية.
الحقيقة في مجال رعاية الموهوبين، وأنا هنا لا اقصد فقط مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، فوزارة التربية والتعليم، هي المحطة الاولى التي يمكن ان تكون العيون التي تدل الجهات الاخرى، فمثلما ينتشر مندوبو الأندية في دوري الحواري لاكتشاف اللاعبين الموهوبين، فمدارس البنات والبنين هي اماكن لاكتشاف هؤلاء، ويجب ان تكون هناك إدارة في المدارس تُعني بهذا الموضوع، وتكون همزة وصل بينها وبين الطلاب والطالبات، وتشجع التواصل معهم، أحياناً حتى الطالب الكسول حينما يرى زملاءه يتقدمون عليه ويتفوقون في مجالات مختلفة، تساوره الرغبة لأن يكون مثلهم، وإدارة رعاية المواهب في المدارس والكليات والجامعات هي مستودعات لحفظ هؤلاء من الضياع، وتنير لهم الطريق نحو الابداع والتميز.
في مسألة رعاية الموهوبين هناك غياب واضح من الجهات الحكومية، وحتى القطاع الخاص الذي أعتبره لا يزال ينام بعيداً عن البحوث والدراسات والمشروعات العلمية، كما ان المؤسسات الحكومية غير قادرة على تفهم معنى موهبة، وربما صنفتها لديها في أشياء عدة محدودة، بينما الموهبة ليست لها حدود، فهي ربما تكون في الحفظ او القراءة او الرسم وغيرها من المواهب الأخرى المفيدة للمجتمع، تشجيع المواهب ورعايتها مسؤولية مشتركة، والمؤسسات التي قامت اذا بقيت على حالها، تنتظر زيارة الموهوبين لها، فإنها لن تختلف عن أي إدارة حكومية خدمية اخرى، مثل البلدية والجوازات ومكاتب الاستقدام.
* إعلامي وكاتب اقتصادي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.