كلّف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وزير البترول المهندس شريف إسماعيل بتشكيل الحكومة الجديدة خلال أسبوع، في أعقاب استقالة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب أمس، في أول لقاء مُعلن بين السيسي ومحلب، بعد عودة الأول من جولة خارجية، واختتمها مطلع الأسبوع الماضي. وقالت رئاسة الجمهورية في بيان أمس إن الرئيس السيسي استقبل محلب «الذي تقدم بتقرير شامل عن أداء الحكومة خلال الفترة الأخيرة، ووضع استقالة الحكومة تحت تصرف رئيس الجمهورية، حيث قبلها وكلفها بتسيير الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة». وأضاف البيان ان «رئيس الجمهورية أشاد بجهود رئيس الوزراء وأعضاء حكومته في أداء مهامهم وما حققوه خلال فترة عصيبة من تاريخ الوطن». وبعد إعلان استقالة الحكومة بأقل من ساعة، أعلنت رئاسة الجمهورية أن السيسي استقبل وزير البترول في الحكومة المستقيلة المهندس شريف إسماعيل وكلّفه بتشكيل الحكومة الجديدة خلال أسبوع. وتزامنت استقالة الحكومة مع غلق باب الترشح في الانتخابات البرلمانية، التي يُنتظر أن يبدأ الاقتراع فيها الشهر المقبل، ويفترض أن يتبع تشكيل البرلمان تكليف حكومة جديدة. وقالت مصادر مصرية موثوقة ل «الحياة» إن السيسي وجّه بإجراء تغيير وزاري، وعدم الاكتفاء بتعديل محدود يطاول عدداً من الوزراء الذين أثاروا جدلا في الأسابيع الأخيرة. وتأتي هذه الخطوة بعد صدور تقارير تتوقع حدوث تعديل وزراي محدود. وأوضح مصدر أن الرئيس السيسي كان استقبل فور عودته من الخارج الأحد الماضي وزير البترول شريف إسماعيل، في لقاء استمر أكثر من ساعة، في إطار استشراف خليفة لمحلب. وظهر من إسراع رئاسة الجمهورية في إعلان تكليف إسماعيل برئاسة الحكومة أن القرار كان متخذاً منذ أيام. وقال المصدر انه «لوحظ إثارة مشكلات في الآونة الأخيرة، وعدم تناسق في قرارات المجموعة الاقتصادية». وكاد قرار لرئيس الوزراء المستقيل إبراهيم محلب أن يرجئ الانتخابات البرلمانية للمرة الثانية، فيما الرئيس السيسي مهتم بإجرائها قبل نهاية العام، تنفيذاً لتعهداته مع قادة العالم في هذا الصدد. وكان محلب أجرى منفرداً تعديلات على تقسيم دوائر انتخابية في محافظتي القاهرة وقنا في الصعيد، بحجة وجود خطأ مادي في قانون تقسيم الدوائر الذي أقره السيسي، ونُشر في الجريدة الرسمية. ونشر محلب التعديلات تحت مسمّى «استدراك»، في الجريدة الرسمية، رغم كونه لا يملك حق التشريع، فقضت المحكمة ببطلان قانون تقسيم الدوائر الانتخابية بعد قرار رئيس الوزراء، ما هدّد بإلغاء الانتخابات للمرة الثانية، لولا أن اللجنة العليا للإنتخابات تداركت الأمر، وأصدرت بياناً أكدت فيه التزامها بتنفيذ حكم القضاء، بعدم اعتماد تعديلات رئيس الوزراء وكأنها لم تكن، والتعامل وفقاً لقانون تقسيم الدوائر الذي أقره الرئيس. ويُتوقع أن يطيح رئيس الوزراء المكلف بأكثر من نصف وزراء محلب، خصوصاً الذين أثاروا جدلا في الأسابيع الأخيرة. وتولى محلب الوزارة قبل رئاسة السيسي بأشهر، وشكّل حكومتين على مدار نحو عام ونصف العام. وبدأ رئاسته الحكومة بإشادات لافتة، نظراً للمجهود الذي بذله في وزراة الإسكان، واعتماده الجولات الميدانية، لكن حكومته واجهت في الاسابيع الأخيرة هجوماً حاداً. وأبلغ محلب وزراء حكومته في اجتماع أخير لها أمس، استمر دقائق، استقالة الحكومة، واستمرارهم في تسيير الأعمال لحين تشكيل الحكومة الجديدة. ولم يحضر رئيس الوزراء المُكلف الاجتماع. وشكر محلب وزراءه، وقال إن «المرحلة القادمة تتطلب دماء جديدة، ونحن على العهد، وسنظل نخدم البلد فى أي موقع». وكان السيسي عبّر في تصريح نادر عن عدم رضاه عن أداء حكومة محلب. وخاطب محلب في لقاء علني: «قلت لي وراك بلدوزر، أنا مش شايف أي بلدوزر». وأوقفت أجهزة رقابية الأسبوع الماضي وزير الزراعة السابق صلاح هلال بعد دقائق من تقديم استقالته لمحلب، بتوجيهات من السيسي، وأمرت النيابة بحبسه لاتهامه في قضية فساد تورط فيها أيضا مدير مكتبه ورجل أعمال وإعلامي. وسرت أحاديث عن تورط عدد من الوزراء في تلك القضية، ما دفع مجلس الوزراء إلى اصدار نفي رسمي لتلك المعلومات بعد اجتماعه الخميس الماضي. وأثار وزير التعليم العالي السيد عبدالخالق جدلا بقرار قبله المجلس الأعلى للجامعات، منح لنفسه بموجبه الحق في استثناء من يريد من قواعد التوزيع الجغرافي والإقليمي لطلاب الجامعات، تحت مُبرر «الاعتبارات القومية». وهو القرار الذي هاجمه رئيس جامعة القاهرة جابر نصار، متعهداً بعدم تطبيقه لمخالفته القانون. وأثار القرار حنقاً مجتمعياً، حين تواترت أنباء عن أنه سيطبق على أبناء ضباط الجيش والشرطة والقضاة، ما دفع الوزير لسحب القرار بعد هجوم ضار. كما فشل وزير التربية والتعليم محب الرافعي في كسب معركة خاضتها الوزراة ضد صبية نالت «صفر» في امتحان الثانوية العامة، في قضية اشتهرت ب «صفر مريم»، فرغم أن التحقيقات القضائية أثبتت أن أوراق الإجابة المنسوبة للطالبة تخصها، إلا أن رئيس الوزراء استقبلها بود لافت، بعدما هزت ثقة الرأي العام في تلك التحقيقات ونالت تعاطفاً شعبياً جارفاً. ولم يتكمن وزيرا المال هاني قدري والتخطيط أشرف العربي من تسويق وتمرير قانون «الخدمة المدنية»، بسلاسة، فرغم أن الحكومة تقول إن القانون يهدف إلى إصلاح الجهاز الإداري للدولة، إلا أنه لاقى اعتراضات صاخبة من الموظفين الذين يقدر عددهم بالملايين، تظاهر آلاف منهم الشهر الماضي في وسط القاهرة ومئات في حديقة الفسطاط في مصر القديمة أمس، وسط تعهد باستمرار الحراك لحين إسقاط القانون. وجانب وزير الاستثمار أشرف سالمان الصواب حين قال إن تخفيض قيمة الجنيه المصري لم يعد اختياراً، وهو التصريح الذي كبّد البورصة خسائر ضخمة، وهوى الجنيه في تعاملات السوق الموازية، رغم أن البنك المركزي أبقى على سعر الجنيه ثابتاً في عطاءاته الرسمية التي تلت تصريح الوزير.