كشف اللقاء السنوي الثالث لنظم المعلومات الجغرافية الذي نظمته أمانة جدة أمس، العالم الافتراضي الذي تعيش فيه الأمانة بعيداً من الواقع الفعلي الذي يعيشه سكان المحافظة، والأحلام التي تتحدث عنها (الأمانة) لربط كل شبر في جدة بالأقمار الاصطناعية فيما المدينة لم تفق بعد من «كارثة» عرت خطاياها وخُطاءها. ولعل حاضري اللقاء الذي حمل عنوان «دور نظم المعلومات الجغرافية في إدارة الكوارث والحد من انتشار الأوبئة»، دخلوا غيبوبة موقتة في ذلك العالم الافتراضي مع ورقات العمل التي ألقيت على مدى ست ساعات، تخللها يقظات موقتة للراحة أو التصفيق، حتى أيقظتهم الفتاة الجداوية «الموجوعة» أم كلثوم بسؤال ختامي بسيط عن المآسي التي تعيشها المدينة «واقعاً»، بداية من الحفر والمستنقعات التي تملأ شوارعها وانتهاء بالمأساة التي عصفت بسكانها. أم كلثوم طالبة في جامعة الملك عبدالعزيز، عرّفت بنفسها، قبل سؤال المشرف على مركز نظم المعلومات الجغرافية في الأمانة الدكتور عبداللطيف الحارثي، أنها «جداوية» وبنت بلد أصيلة، ويتحرق قلبها على الوضع الذي تعيشه مدينتها التي كانت يوماً «عروساً» يتسابق إليها الناس من داخل وخارج السعودية، وأصبحت اليوم مضرب المثل بين المدن السعودية في الخراب والفساد، أو «مخروبة، مخروبة» بحسب تعبيرها، قبل أن تضج القاعة «النائمة» بالتصفيق والتصفير لمداخلتها التي أعادت الحضور (يمثلون 70 جهة حكومية وخاصة) إلى الواقع البائس. لم يجد الدكتور الحارثي رداً مقنعاً على السؤال، وتهرب من الحرج بإلقاء دعابات، على سبيل المثال قال للحضور: «إنكم لا تصدقون بجنازة لتشبعوا فيها لطماً»، لكنه اعترف بالمشكلات التي ذكرتها أم كلثوم، وعاد إلى التحدث عن العالم الافتراضي الذي يتحدث عن نظم المعلومات الجغرافية، وأهمية مناقشة وتبادل الخبرات عن أحدث التطورات في نظم المعلومات الجغرافية، بهدف دعم أصحاب القرار في تحسين الخدمات وتقليل المخاطر على حياة السكان عند الأزمات. وفي ما يتعلق بأبرز مطالبات اللقاء، قال الدكتور الحارثي ل«الحياة» إن نظم المعلومات الجغرافية استُخدمت في كارثة جدة بشكل محدود، ولكي يتم تفعيلها أكثر يجب إيجاد مركز وطني لإدارة الكوارث بطريقة حديثة كما هو متبع في العالم، تسخّر فيها نظم المعلومات الجغرافية، وكل التقنيات المتاحة. وبالعودة إلى بداية اللقاء، قال نائب أمين محافظة جدة المهندس خالد بن فضل عقيل: «إن تنامي استخدام تقنية نظم المعلومات الجغرافية، يعد أحد الشواهد والدلائل الواضحة على مدى أهميتها»، مؤكداً أهمية الدور الذي تلعبه نظم المعلومات الجغرافية في مساعدة صناع القرار ومقدمي الخدمات على فهم الخيارات المتاحة لهم واختيار أفضل البدائل لضمان سلامة وصحة المواطن. وأضاف أن فعاليات هذا اليوم تستهدف المناقشة وتبادل الخبرات حول أحدث التطورات في نظم المعلومات الجغرافية، باعتبارها تلعب دوراً رئيساً في دعم التنسيق بين الجهات المسؤولة التي يجب أن تتعاون في حالات الطوارئ، لتقليل تحديات توفير الخدمات للمناطق المنكوبة. وأشار إلى أن القضايا المطروحة للنقاش في هذا اللقاء تتناول ثلاثة محاور أساسية، هي: تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية في الحد من الكوارث الناجمة عن بعض الظواهر الطبيعية، مثل: الفيضانات والسيول والزلازل، ودور هذه النظم في الحد من انتشار الأوبئة والأمراض، والاستفادة من منظومة خدمات نظم المعلومات الجغرافية في التخطيط والتنسيق للاستجابة لحالات الطوارئ من خلال تحديد مواقع البنى التحتية والمباني والمدارس ومراكز الشرطة والأمن ومراكز الطوارئ والمستشفيات.