أطلق الرئيس باراك أوباما في أول خطاب له عن «حالة الاتحاد»، مجموعة من المبادرات الاقتصادية والمالية التي تعالج تحديات تقض مضاجع المواطن الأميركي وتثير مخاوف المستثمرين الأجانب من الدول والأفراد على مصير ديونهم واستثماراتهم الهائلة في الولاياتالمتحدة، معلناً التزام إدارته وضع مسألة تأمين فرص عمل، في قمة أولوياتها هذه السنة، وتشكيل لجنة رئاسية تتمثل مهمتها في «اقتراح خطوات عملية للسيطرة على مديونيتنا». وعلى رغم تعدد المبادرات، لم يحمل خطاب أوباما جديداً إلا في إعادة التأكيد على مخاطبة هموم مواطنيه بالصراحة والمباشرة المعتادتين، وقال: «قبل سنة تسلمت الإدارة وسط حربين مستعرتين واقتصاد يهزه ركود حاد وقطاع مالي على حافة الانهيار وحكومة غارقة في الديون. خبراء من كل الأطياف السياسية حذروا من أننا سنواجه لا محالة، كساداً عظيماً ثانياً إن لم نتحرك. وتحركنا بسرعة وقوة. وتجاوزنا أسوأ ما في العاصفة لكن آثار الدمار ظاهرة بشدة، فواحد من كل عشرة أميركيين لا يستطيع إيجاد عمل، وشركات كثيرة أغلقت أبوابها، وانخفضت أسعار المنازل ...» ولم يمتلك أوباما، بحسب اتفاق معظم المحللين والمراقبين، الا خيار تذكير مواطنيه بضخامة التحديات التي ورثها عن الادارة السابقة، ويعاني من تأثر شعبيته سلباً، ضمن أمور أخرى، بأزمة سوق العمل وتراجعها إلى ما دون 50 في المئة بعد مرور سنة واحدة فقط على دخوله الى البيت الأبيض وخسارة حزبه الديمقراطي الأغلبية المطلقة في مجلس الشيوخ، بينما أضخم مبادراته المتمثلة في إصلاح نظام الرعاية الصحية لا يزال حبيس جدران الكونغرس. لكن أسلوبه الصريح والمباشر عمق بالتأكيد أهمية مبادرته الأولى والأهم، خصوصاً بعدما ربطها بنجاح خطة إنقاذ قطاع المال، إذ شدد على تخصيص 30 بليون دولار من الأموال التي أعادتها المصارف، لمساعدة المصارف الصغيرة حصرياً على توفير القروض التي تحتاج إليها الشركات الصغيرة للحفاظ على بقائها. وأعلن في اقتراح يحتاج إلى موافقة الكونغرس تقديم ائتمانات ضريبية للشركات الصغيرة التي تستحدث وظائف جديدة أو تزيد رواتب موظفيها، كذلك اقترح أعفاءها من ضريبة رأس المال الاستثماري وتقديم حوافز ضريبية للشركات الكبيرة والصغيرة للاستثمار في بناء المصانع الجديدة وتجهيزاتها. إلا أن مبادرته المتعلقة بالسيطرة على مديونية أميركا، وهي الديون العامة الهائلة التي شارفت على 8 تريليونات دولار، وحالت في ما يبدو دون إضافة كبار الدائنين مثل الصين والدول الخليجية إلى رصيدها من سندات الخزانة الأميركية، أية مبالغ جديدة طوال الشهور ال 12 الماضية، جاءت بعدما رفض الكونغرس تشكيل لجنة مشتركة لهذا الغرض بالذات، على رغم حرص أوباما على تذكير مواطنيه وربما المستثمرين الأجانب، بأن إدارته ورثت عجزاً مالياً ضخماً يزيد على تريليون دولار وعجز تراكمي قد يصل إلى 8 تريليونات دولار في السنوات العشر المقبلة، ناهيك عن أن كلفة إنقاذ الاقتصاد الأميركي تجاوزت تريليون دولار.