طالبت الفنانة والناقدة التشكيلية هدى العمر وزارة الثقافة والإعلام أن تخضع الإصدارات التى تدور حول رموز ثقافية، تعكس ما وصلت إليه المملكة من علم وإبداع وازدهار، للمراجعة والتدقيق. وانتقدت «الموسوعة الوصفية لحركة الفن التشكيلي النسائي»، التي صدرت أخيراً لمؤلفاها الدكتور سعد العبد والدكتورة عبير الصاعدي، لما فيها من مآخذ وهنات كان ينبغي تجنبها، بخاصة أنها تخص رائدات في الفن التشكيلي، أفنين عمرهن قبل أن يصلن إلى لقب فنانة، بحسب ما تقول. وقالت «عندما يصدر كتاب يحمل كيان تشكيلي، فهو يمثل الوعي والفكر الإبداعي الذي وصلت إليه المرأة السعودية، وخصوصاً في الآونة الأخيرة التي شاهد فيها الوطن رموزاً نسائية مشرفة، نافست مثيلتها من مختلف البلدان الأخرى فى شتى المجالات العلمية والإبداعية، بدعم وتشجيع واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحرصه على مشاركة المرأة المعطاء فى شتى المجالات أسوة بالرجل». وعددت الناقدة التشكيلية ملاحظات مهمة على الموسوعة، ومنها أولاً: أن الكتاب «حمل اسم موسوعة لحركة ولم يذكر في مقدمته حالة هذه الحركة، منذ بدايتها ومواكبة المرأة لها وشتى الوسائل التعليمية والتثقيفية التى أتيحت لها قديماً وحديثاً، واجتهاد البعض فى تطوير الذات إبداعياً، إذ ترتقي أعمالهن للمنافسة مع أقرانهن فى المجال خارج حدود الوطن». ثانياً: لم تذكر الموسوعة، إذا جاز التعبير، دور القطاعات الحكومية وغير الحكومية المختلفة وهو دور كبير دفع المرأة إلى التطور والازدهار مادياً ومعنوياً، وأخص بالذكر المسابقات التشكيلية التى شاركت فيها المرأة وفازت بجوائز أسوة بالرجال، ودور آخر مهم وملموس من قطاعات تديرها نساء الوطن مثل جمعية النهضة النسائية الخيرية، التى دعمت المرأة علمياً بإقامة دورات وورش عمل فنية، وإقامة معارض تشكيلية جماعية وفردية ومركز الأمير سلمان الاجتماعي الذي واكب افتتاحه معرض تشكيلي ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة «القسم النسائي» التى حرصت أن يكون بفرعها بالمربع متحف دائم للتشكيليات السعوديات ومركز المناهل، الذي دعم أول جماعة فنية نسائية لمنطقة الرياض ومؤسسة المنصورية، التي حرصت على تكريم المميزين فى هذا المجال، وعرض أعمالهن خارج حدود الوطن ومركز شيفلد لهندسة الديكور ومعهد المهارات والفنون ومركز الفتيات في جدة وغيرها فى مختلف مناطق المملكة، هذا على مستوى المؤسسات الحكومية أو المدنية، وهناك جانب مهم وهو على المستوى الفردي، كمثال وليس الحصر، وهى الرعاية الكريمة من الأميرة عادلة بنت عبدالله والأميرة الجوهرة بنت فيصل بن تركي، فلماذا لم تشر الموسوعة إلى هذه العناصر النسائية المهمة والتي تستحق الإشارة في تاريخ المرأة، نظراً لأهمية دورهن الذي كان له الأثر العظيم فى تطورها فى المجال». ثالثاً: استعرضت الموسوعة 416 اسماً لتشكيليات سعوديات، من مختلف مناطق المملكة، 60 في المئة منها لم نسمع عنهن من قبل. وتناول هذا الإصدار (وهو الجزء الأول للموسوعة) 50 اسماً تحمل مسمى رؤية جمالية للمؤلفين، احتل الجزء الأكبر منها عرض السير الذاتية التي لم يحرص الكاتب على تعزيزها بوثائق تثبت هذا التاريخ كما هو متبع في أي كتاب وثائقي. وهذا يجعلني أشير إلى أنه عند صدور أول مؤلف في مجال التشكيل السعودي للزميل عبدالرحمن السليمان وهو «مسيرة الفن التشكيلي السعودي» طلب مني ليس بتوثيق السيرة بوثائق فقط، بل جميع صور الشهادات والدورات التي حصلت عليها». رابعاً: لم يذكر الكتاب المراحل أو العقود الزمنية التي مرت بها التشكيلية السعودية وإذا قلنا إن كل عقد منها هو عشر سنوات، فعمر المجال التشكيلي لم يتجاوز 50 عاماً، فمن السهل أن أتناول موسوعتين تضمن كل منهما جيل الرائدات مثل صفية بن زقر ومنيرة موصلي ونبيلة البسام والأخيرة لم يذكر حتى اسمها في الكتاب، بجانب من أتى بعد هذا الزمن ويؤخذ بالأقدمية. خامساً: على رغم المجهود البحثي المبذول ويبدأ من الصفحة 311 من الكتاب ويتضمن 49 مرجعاً إلا أنه لا يوجد مرجع واحد بينهم يرجع إلى الإصدارات الحكومية السعودية المعنية، وعلى رأسها كتيبات معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب والتي تناولت في مقدمتها نبذة تاريخية مختصرة عن الفن التشكيلي السعودي، منذ إقامة أول معرض جماعي وكانت تسمى بالمديرية العامة لرعاية الشباب حينذاك عام 1964، وكرمت المرأة بإقامة معرض للفنانات التشكيليات سنوياً كان أول عرض له عام 2000، واستمر هذا المعرض حتى بعد أن انتقل الكيان إلى وزارة الثقافة والإعلام، وفى مقدمة كتيباته تاريخ المرأة في المجال الذي لم أجد من حقائقه التاريخية أي ملامح في هذا الإصدار. سادساً: فرحنا كثيراً نحن التشكيليين باهتمام وحضور وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة في حفلة تدشين الموسوعة، التي أقيمت في قاعة حوار التي تعودنا على كرمها لنا وترحيبها بكل مبدعين الوطن وتشجيعهم. لكن الندوة التي واكبت التدشين كانت حول النظرة المستقبلية للفنون التشكيلية المحلية، وهذا شيء جميل، لكن كان يفترض أن تكون حول الكتاب نفسه، لنتعرف على المراحل التي مر بها، ولا سيما أن المؤلَّفين استغرقا 4 سنوات لإنجازه. وأوضحت هدى العمر أن الموسوعة خصتها بثماني صفحات، لكنها وجدت الأمر مقارنة برائدات الحركة التشكيلية، فيه نوع من الظلم لفنانات مثل صفية بن زقر، التي خصتها الموسوعة بست صفحات ومنيرة موصلي بخمس صفحات «ما استوقفني وجعلني أتساءل هو: هل هناك معايير وأسس بنى عليها المؤلف خطته لكل من كتب عنها، أم كان الهدف فقط سرد أسماء وسير ذاتية ؟ وإذا كانت الإجابة هي الهدف الأخير فلا يصح هنا أن نضع عنوان موسوعة»، مطالبة، في الختام، وزارة الثقافة والإعلام بإنشاء قاعدة معلومات موثقة من جميع التشكيليين والتشكيليات، ليسهل على الكاتب أو الباحث أو حتى القارئ مهمته في البحث.