رعى معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري أمس حفل افتتاح الملتقى الأول لرؤساء أقسام اللغة العربية في الجامعات الإفريقية الذي ينظمه معهد اللغة العربية للناطقين بغيرها بجامعة أم القرى بالتعاون مع الندوة العالمية للشباب الإسلامي خلال الفترة من العاشر حتى التاسع عشر من شهر الحالي وذلك بقاعة الملك عبدالعزيز التاريخية بالمدينة الجامعية بالعابدية . وقد بدئ الحفل الخطابي المقام بهذه المناسبة بتلاوة آيات من القران الكريم ، ثم ألقى عميد معهد تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بجامعة أم القرى الدكتور عادل باناعمة كلمة أشار فيها إلى أنه قبل نحو ثلاثين عاماً انعقد في داكار ولأول مرة الملتقى الإفريقي العربيّ للعلاقة بين اللغة العربية واللغات الإفريقية واليوم وبعد ثلاثين عاماً تحظى جامعة أمِّ القرى ممثلةً في معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بعقدِ هذا الملتقى التاريخيّ الذي يهتمُّ بالعربيّةِ في القارةِ السمراء بمشاركة عشرون دولةً إفريقية عبر قياداتِ تعليم العربية فيها وتتعاضدُ على إنجاحِه مؤسسةٌ أكاديميةٌ عريقةٌ هي جامعة أم القرى ومنظّمة إسلاميّةٌ دوليةٌ عريقةٌ هي الندوة العالمية للشباب الإسلاميّ . وبين أن اللغة العربية دخلت إلى إفريقيا كما ذكر ابن خلدون قبل خمسة آلاف سنة وأن جميع اللغات الإفريقية ذات التراث المكتوب تبلغ ثلاثين لغةً كانت تكتب بالحرف العربيّ إلى ما قبل مرحلة الاستعمار وأن اللغة العربية تمثِّلُ القاسم المشترك في عدد من البلدان الإفريقية التي تتنازعها اللهجاتُ المحلية وبذلك تعتبر اللغة الأولى في إفريقيا. وأوضح أن القيمةُ الكبيرةُ لهذا الملتقى الأولِ من نوعِه والذي يحملُ هوية ثلاثية مركبة تتمثل في الهوية العلمية والهوية التدريبية والهوية الثقافية , لافتا إلى أن ثلث الملتقى علميٌّ يتمثل في أوراق العمل والندواتِ، وثلثُه تدريبيٌّ يتمثل في الدوراتِ، وثلثُهُ ثقافيٌّ يتمثل في الزيارات واللقاءاتِ. عقب ذلك شاهد معاليه والحضور عرضا مرئيا عن معهد تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بجامعة أم القرى تضمن نشأته ومهامه ورسالته وأهدافه وبرامجه وأنشطته الثقافية والعلمية والتعليمية وغيرها . إثر ذلك ألقيت كلمة المشاركين من الجامعات الإفريقية ألقها نيابة عنهم رئيس قسم تعليم اللغة العربية بجامعة أديس بابا بأثيوبيا الدكتور محمد سعيد عبدالله عبر فيها عن شكرهم وتقديرهم لحكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على الجهود التي تبذلها في خدمة اللغة العربية ونشرها في كافة أقطار العالم العربي والقارة الأفريقية على وجه الخصوص ,مبينا أن هذا التسابق الحضاري يستدعي منا كمسلمين بذل كل العناية والرعاية لبرامج تعليم لغة القران الكريم والتعرف على أبعادها الحضارية والثقافية ومحتواها الفكري والمعرفي . وأفاد أن الملتقى الذي يقام لأول مره بالتواصل بين أقسام تعليم اللغة العربية في الدول الأفريقية مع جامعة أم القرى ممثلة في معهد اللغة العربية للناطقين بغيرها يعد من أهم المتلقيات لتعزيز هذا التواصل وبحث أوجه التعاون المشترك بما يخدم اللغة العربية ونشر علومها في الدول الناطقين بغيرها. عقب ذلك ألقيت كلمة مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية ألقاها الدكتور صالح الزهراني أكد خلالها أن ترسيخ مقومات الهوية وتمتين ثقافة الانتماء أصبح واجبا دينيا وأولوية لبناء تنمية شاملة ,مشيرا إلى أن التحول الحضاري الذي تمرّ به الأمة جعل العلم مفتاح العصر ومدخل الشهود الحضاري للأمة ,مبينا أن مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية يعد واحدا من منظومة كبيرة من المراكز العملاقة التي تسعى لتشكيل كتلة معرفية وتهدف إلى المحافظة على سلامة اللغة العربية وإيجاد البيئة الملائمة لتطويرها وترسيخها ,بالإضافة إلى تقديم الخدمات ذات العلاقة باللغة العربية . وقال الدكتور الزهراني :لقد أدرك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله قيمة المعرفة في هذا العصر فقدم رعاه الله مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمحتوى العربي التي تبنتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والمتمثلة في إثراء المحتوى العربي على شبكة الإنترنت , مشيرا إلى أن مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة سيتيح على موقعه بعون الله قواعد بيانات للمتخصصين والمهتمين باللغة العربية من أفراد ومؤسسات ويسعد بالتواصل مع الجميع وسيقدم كل ما يستطيعه من جهود لخدمة هذه اللغة العظيمة التي أصبحت بفضل الله أكثر اللغات العالمية انتشاراً على الإنترنت بنمو سنوي يزيد عن 2800% . بعد ذلك ألقيت كلمة الندوة العالمية للشباب الإسلامي ألقاها الأمين العام للندوة الدكتور صالح الوهيبي تحدث فيها عن الجهود التي بذلت من أجل إقامة هذا الملتقى العلمي الأول لخدمة اللغة العربية وعلومها المختلفة مؤكدا أن القائمين على الندوة العالمية للشباب الإسلامي استشعروا شرف الغاية في سبيل نشر اللغة العربية إذ تعد القناة الرئيسة لفهم ومعرفة الثقافة الإسلامية , كما تعد من أقوى الروابط المستدامة بين المسلمين . ثم ألقى معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري عساس كلمة أعرب فيها عن شكره وتقديره لمعالي وزير التعليم العالي على رعايته لهذه المناسبة كما رحب بقادةِ تعليم العربيّةِ في إفريقيا والحضور . وقال : لقد كانَ مِنْ قدَرِ الله لهذهِ البلدةِ الطيّبةِ المباركةِ مكَّةَ المكرمةِ أنْ تكونَ قِبْلةَ المسلمينَ، ومَهْوَى أفئدَتِهِمْ، ومُلْتَقَى أرواحِهِم، إليها صَلاتُهُم، وفيها حَجُّهُم، وبُلُوغُها مُنْتَهى آمالِهِمْ , في هذهِ البلدةِ الطيِّبَةِ نَزَلَ الوحيُ بلسانٍ عربيٍّ مبين، فكانتْ مُنْطَلَقَ أفصحِ كتابٍ عَرَفَتْهُ البشريةُ، وكانتْ كذلكَ مَوْطِنَ أفصَحِ مَنْ نطَقَ بالضادِ نبي هذه الأمة عليه أفضل الصلاة والسلام , ومنذُ ذلك التاريخُ ومكةُ مَعْقِلُ العربيَّةِ، وملاذُها، وَمَنْبَعُها على أَرْضِها دَرَجَ كبارٌ من شعراءِ العربيَّةِ كابنِ أبي ربيعةَ، وابنِ هَرْمَةَ وفي رِحَابِها أقام أعلامٌ من شيوخِ العربيَّةِ وعلمائِها كأبي عبيدٍ القاسمِ بنِ سّلاَّمٍ، والزَّمَخْشَريِّ، وابنِ عَلاّنَ الصِّدِّيقي. ومضى يقول : وها نحنُ في جامعةِ أمِّ القرى نَبْذُلُ جُهْدَنا لتستعيدَ مكةُ ريادتَها اللغويةَ العالميةَ، ولتكونَ هي مَهْوى أفئدةِ طالبي العربية، كما هي مهوى أفئدةِ العابدين والطَّائفين والركَّعِ السُّجُودِ ولعلَّ من سُبُلِ ذلك هذا المشروعَ الضَّخْمَ الذي يُطلقُهُ معهدُ تعليمِ اللغةِ العربيّةِ لغيرِ الناطقينَ بها بجامعة أم القرى، وهو مشروعُ الملتقياتِ التدريبيَّةِ لرؤساءِ أقسامِ اللغةِ العربيَّةِ، حيثُ يهدِفُ هذا المشروعُ لاستقطابِ قياداتِ تعليمِ العربيةِ في المؤسّساتِ المعتبرةِ على امتدادِ العالمِ بغرضِ تَبَادُلِ الخبراتِ، وتَنَاقُلِ التجارِبِ، وكذلك بغرضِ التدريبِ وتنمية المهاراتِ ولِيَتحقَّقَ لهذا المشروعِ أثرُهُ الفاعلُ تمَّتْ ( أَقْلَمَتُهُ ) عَبْرَ القارّاتِ، بحيثُ يَلتقي في كلِّ دورةٍ أساتذةُ العربيةِ في قارّةٍ من القاراتِ، فيكونُ بَينَهم من تقاربِ الديارِ والثقافاتِ والأحوالِ ما يجعلُ لقاءَهم أكثر ثراءً وغِنىً وخِصْباً. وتوجه معاليه بخالص الشكر والامتنان لخادم الحرمينِ الشريفين حفظه الله الذي أصدر موافقتَهُ الساميةَ على انعقادِ الملتقى وأَمَرَه حفظه الله بتسهيلِ إجراءاتِهِ , كما ثمن دور إمارةُ منطقةِ مكةَالمكرمةِ التي أصدرتْ توجيهاتِهَا للجهاتِ المعنيّةِ بتذليلِ الصعوباتِ وتيسيرِ السُّبُل , مشيدا في ذات الوقت بجهود الندوة العالميَّةِ للشبابِ الإسلاميِّ في التعاون مع المعهد في إقامة هذا الملتقى , وأجزل شكره لعميد معهدُ تعليمِ اللغةِ العربيةِ لغيرِ النَّاطقينَ بها الدكتور عادل بن أحمد باناعمة وكافة العاملين بالمعهد على جهودهم الحثيثة لتتبوّأَ جامعةُ أمِّ القرى المكانَ اللائقَ في ريادةِ مسيرةِ تعليمِ العربيةِ لغيرِ الناطقين بها. عقب ذلك كرم معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري عمداء معهد اللغة العربية بجامعة أم القرى السابقين والجهات الداعمة والمساهمة في الملتقى .