افتقدنا الشيخ عمر بادحدح الذي انتقل إلى رحمة الله وسنظل نفتقده في كثير من الظروف والحالات أباً وأخاً وصديقا وأديباً ومعيناً على نوائب الدهر. كتب عنه بعد وفاته الاستاذ عبدالله خياط وأعطى صوراً من مواقفه الإنسانية في تقديم العون للمعسرين والمحتاجين في شتى المجالات ثم كتب بعده الاستاذ سالم أحمد سحاب وذكر شواهد كثيرة وقف فيها الشيخ عمر بادحدح معيناً ومساعداً وراعياً لكثير من الاعمال الخيرية والانسانية واصلاح ذات البين في القضايا الاسرية، واحب أن أركز اليوم على جانب عشته معه ولمسته بنفسي وهو الجانب الادبي والثقافي، فالشيخ عمر بادحدح قارئ ومثقف بارع وأديب ومحب للأدب والأدباء فقد نشرت في جريدة البلاد بتاريخ 16-12-1400ه صفحة الفكر الإنساني العدد رقم 6566 مقالاً طالبت فيه بتكوين لجنة لانقاذ تراث الاديب والكاتب الراحل علي أحمد باكثير بعد أن تأكدت من تعرض مكتبته للتلف في القاهرة وطلبت ان يكون من ضمن اللجنة الشيخ عمر بادحدح رحمه الله وسعيد محمد العامودي والدكتور احمد السموحي وغيرهم وبعد صدور المقال هذا اتصلت هاتفيا بالشيخ عمر بادحدح رحمه الله فقال لي: قرأت المقال وأنا معك في كل كلمة قلتها وسأحضر اليك خلال يومين وحضر ومعه سعيد محمد العامودي وكان معي عبدالله بن عثمان العامودي اخوه عمر زوجا لربيبة باكثير في مصر وعرفنا منه في الجلسة ان صاحب الشقة طلب من اخيه عمر اخلاءها لانهم ليسوا ورثة شرعيين لعلي احمد باكثير وعقد الاجار لا ينطبق عليهم لنظام الاجار الجديد في مصر فما كان من عمر العامودي وزوجته الا ان جمعوا كتب باكثير وشهاداته واوراقه في كراتين وامنوها عند ارحامهم في مصر فقال الشيخ عمر سأتصل بسالم عبيد باحبيشي في مصر وهو احد التجار الحضارم الذي نقل تجارته من اثيوبيا الى مصر واستقر بها وهو رجل الى جانب عمله مطلع ومثقف وله اياد في الاعمال الخيرية وطمأننا وقال: انا وسعيد العامودي سنهتم بهذا الموضوع وسنبقى على اتصال معكم ولا تطلبوا من احد شيئاً وبعد اربعة ايام اتصل بي الشيخ عمر وقال لي انت موجود في المنزل؟ وكنت اسكن في كيلو 2 قريب من منزل الشيخ عمر بادحدح فقال: سأتيك انا وسالم عبيد باحبيشي جاء من مصر وحضر ومعهم البشرى وقال الشيخ عمر: الذي عرفني علي سالم باحبيشي شخصيا وقال لي انه ساهم في انشاء مركز خيري في حي الزيتون في مصر الجديدة شارع العزيز بالله قريب من مدرسة الالسن هذا المركز اسمه المركز الاسلامي لاعداد دعاة التوحيد والسنة وياخذ طلبة افريقيا المتخرجين من المدارس الازهرية والجامعات المصرية ويعطيهم دروسا في نشر الدعوة في افريقيا والرد على الحملات المشوهة للاسلام في افريقيا مبنى هذا المركز مؤلف من اكثر من سبعة ادوار الدور الاول به مسجد كبير والثاني به مستشفى خيري والادوار الباقية بها فصول للطلبة وخدمات للمحتاجين والايتام ورعاية ابناء العاملات وغيرها من الخدمات الانسانية، وفي الدور السابع صالتان فارغتان خصصت لاقامة مكتبة علي احمد باكثير ومنها صالة للقراءة والبحث وقال باحبيشي: اصدرت تعليماتي بتأثيثها وسنعود الى مصر ونضع فيها كل كتب باكثير وشهاداته وسنعرضها على اكمل وجه يليق بالاديب الكبير وتكفل بهذا العمل الشيخ عمر بادحدح وسعيد العامودي وسالم عبيد باحبيشي وقامت المكتبة بالفعل وذهبت بعد ذلك وزرتها وصورتها ثم حضر بعد ذلك من الكويت الاستاذ محمد ابو بكر حميد في طريقه الى امريكا لتحضير الدكتوراه وكان قد كون في الكويت مع الشاعر عبده بدوي مجموعة اسموها احباء باكثير ولما عاد من امريكا ذهب الى مصر ورأى المكتبة ورأى عمر العامودي وشكرهما على حفظهما للتراث فسلماه مسودات لمسرحيات باكثير لم تنشر وديوان باكثير الكبير الذي لم ينشر بعد والرسائل التي بين باكثير وبين كثير من الشخصيات العلمية واحضر لنا من الكويت معه مقابلة تلفزيونية اجراها فاروق شوشه مع علي باكثير قبل وفاته باشهر لحساب تلفزيون الكويت واشرطة كاسيت بها كلمات لكثير من الادباء والشعراء في تأبين علي احمد باكثير بعد مرور اربعين يوما على وفاته وحضر لذلك مع الشيخ عمر بادحدح بعد ذلك في منزلي ثم ذهب الى الرياض وعمل في جامعة الملك سعود في كلية الاداب وقد ذكرت ذلك في مقال لي عن حقيقة ريادة باكثير للشعر الحر في جريدة عكاظ بتاريخ 6-2-1404ه العدد رقم 6336 الصفحة الثقافية كما احب ان اختم هذه الكلمة بأن الشيخ عمر بادحدح وسعيد محمد العامودي قد وفرا شقة لعمر بن عثمان العامودي وزوجته ربيبة علي أحمد باكثير. رحم الله الشيخ عمر بادحدح وجزاه عنا خير الجزاء وأعاننا على فقده وحنيننا إليه. أخوكم: أحمد محمد صالح بابقي جدة