ودعت مدينة جدة السعودية اليوم الاثنين 12-12-2011، الشيخ عمر أحمد بادحدح، أحد أعلام العمل الدعوي والخيري بالمملكة العربية السعودية، وذلك عن عمر يناهز 93 عاما، والفقيد هو والد كل من الدكتور علي بادحدح الأكاديمي والداعية الإسلامي المعروف، والدكتور محمد بادحدح الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي، والدكتور صالح بادحدح، والدكتورة فاطمة، والسيدة نور، والأستاذة عائشة، والداعية الإسلامية الدكتورة خديجة بادحدح. تشكلت شخصية الشيخ عمر بادحدح الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، بالقرب من بيت الله الحرام، وقد تبنى رؤية تجديدية للعمل الخيري تسعى إلى إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمسلمين، فقد كان الخير مقصد الرجل ونيته وعمله ومشاريعه واهتمامه وفكره وحلمه، فله خطط وأسس، وبه تحرك، وكان ذا رؤية استراتيجية وفكر مؤسسي. وولد عمر بادحدح بمنطقة دوعن بحضرموت لأب فقير، لكنه أصبح من وجهاء مدينة جدة ومنطقة الحجاز فيما بعد، لم يتلق تعليمًا نظاميًا فتعهد نفسه بالقراءة والثقافة ، وخلال السنوات المديدة التالية انتصر الرجل لمدرسة الحياة التي أثبت خريجوها أنهم من قادوا النهضة الاقتصادية لمملكة الخير، امثال الشيخ أحمد سعيد بقشان، وسالم أحمد بن محفوظ، ومحمد عوض بن لادن، وأمثالهم كثير ممن كانت لهم بصماتهم في معظم مناطق المملكة، وكان لهم دورهم البارز في النهضة الاقتصادية، حيث خاضوا الحياة بغير سلاح التعليم، ونجحوا؛ لأنهم تسلحوا بالإرادة القوية، والصبر الجميل، والعمل المتواصل . عاش في مكةالمكرمة بين عامه الخامس عشر وعامه العشرين، ثم ذهب إلى جدة، حيث بدأت أولى مشروعاته التجارية، وهي أول محل تجاري استأجره، في عمارة البوقري في الخاسكية – أهم الأسواق في جدة وقتذاك، وكانت مدينة جدة تعتبر المدينة الأولى تجاريًا في أواسط القرن الهجري الماضي بلا منازع، ومصدر التموين لجميع مناطق المملكة؛ نظرًا لأنها كانت أكبر موانئ المملكة، فضلاً عن الموقع الجغرافي لجدة، التي كانت على طريق الحج، وتستقبل الحجاج في حركتهم بين مكةوالمدينة، وهو ما يفسر تركز معظم التجار والعوائل التجارية في جدةومكة والحجاز بصفة عامة. سيرة ومسيرة لقد وظف بادحدح الرؤية والفلسفة في التخطيط والعمل الخيري، وتجاوز بهذه الرؤية والفلسفة تحديات وعقبات تواجه المؤسسات الخيرية خصوصًا في جلب التمويل والتسويق للأعمال والمشروعات الخيرية، وكذلك وضع أولويات القضايا والمشروعات الخيرية، فلم يكن العمل الخيري عند الرجل مجرد عاطفة وانفعال وجداني ونفسي بقدر ما كان رسالة وفلسفة ورؤية ودورًا ووظيفة وضع خلالها الخطط وأقام المؤسسات والمشروعات وجلب التمويل وقام بالتنسيق والتسويق لإنجاح أعماله. كان الشيخ ممن أسسوا لجنة مساعدة السجناء المعسرين برئاسة الأمير فواز بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة حينها ، وتطور عمل اللجنة فيما بعد لتشمل المعوزين ، حيث كان بادحدح يذهب إلى السجن ويبحث عن السجناء المعسرين ويقدم لهم المساعدة، تميز بادحدح بأن بابه مفتوح دائما لقضاء حوائج الناس طالبي المساعدات المالية أو الشفاعة وبذل الجاه وكان يضطر أحيانا للذهاب إلى الجهات التي يطلب المحتاجون منه إنهاء معاملاتهم إن اقتضى الحال ذلك ، كما كان بادحدح من مؤسسي هيئة الإغاثة الإسلامية والهيئة الخيرية الإسلامية في الكويت كما كان له نشاط ملحوظ في الغرفة التجارية منذ عهد الشيخ إسماعيل أبو داوود وكان ضمن مجلس إدارته التي دامت لنحو 35 عاما ، وللشيخ بادحدح نشاط كبير في إصلاح ذات البين وبذل الصلح بين المختلفين في مجال التجارة وكانوا يحتكمون إليه حال حدوث أي نزاع ويصدرون عن رأيه. وشملت أعمال بادحدح الخيرية الإصلاح بين الناس حتى على مستوى العلاقات الزوجية وكذلك الخلافات المالية بين الورثة في الأسرة الواحدة إضافة إلى الشركاء المختلفين. رحلات الخير إلى العالم ورث الشيخ عمر بادحدح عن أسلافه الحضارم مهمة نشر الإسلام عبر تقنية تسمى ب (فن المعاملة) ومساعدة الناس والوفاء بالحقوق، حيث سعى من خلال رحلاته وأعماله الخيرية إلى مساعدة المحتاجين وزرع القيم الإسلامية، وقد زار أوروبا وأمريكا وجنوب شرق آسيا وكل الدول العربية ، وأخذت هذه الزيارات أشكالاً متعددة من حضور المؤتمرات ممثلاً عن مجلس إدارة الغرفة التجارية الي رحلات الخير ضمن عدة لجان وجمعيات شارك في أعمالها ومشروعاتها في مناطق عديدة من أفريقيا والعالم الإسلامي. و كان الشيخ يساهم في إرسال الكتب الدينية والثقافية تباعًا للمراكز الإسلامية والجهات التي يوجد بها طلبة بحاجة إلى هذه الكتب. من أجل فلسطين سافر الشيخ إلى الأردن واطلع على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات، وبذل جهودًا لكي يكون جسر تواصل بين من أفاء الله عليهم بالخير وبين من يعانون العوز والفاقة، أو الذين ابتلوا بالكوارث والنكبات ، وسعى إلى تغيير الوضع من خلال تنفيذ مقترح (قرية نموذجية) للاجئين، ونجحت جهود أهل الخير في الحصول على قطعة أرض من الأمير الحسن بن طلال، ولي العهد وقتذاك، والبدء في تنفيذ القرية. كما شارك في عدة لجان تهدف إلى تعريف الشباب بالقضية الفلسطينية من وجهة نظر إسلامية، وتقديم العون للشعب الفلسطيني في المجالات الثقافية والتعليمية والاجتماعية والصحية، من خلال مشاريع محددة مثل: كفالة الأيتام والأسر الفقيرة ورعايتهم، كفالة الدعاة وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، كفالة طالب العلم الفقير، دعم مشاريع أعمار المسجد الأقصى، دعم المشاريع الموسمية (إفطار صائم، توزيع لحوم الأضاحي، المراكز الصيفية، الحقيبة المدرسية)، دعم المشاريع الإغاثية ( إعادة إعمار البيوت المهدمة، توزيع الإغاثات العاجلة، توزيع الطرود الغذائية)، دعم المشاريع الإنشائية والدعوية (بناء المدارس، المساجد، والمراكز الصحية).