دفعت الأزمة الاقتصادية الراهنة بخمس حكومات أوروبية إلى الزوال بعد أن لم تنجح أزمات سابقة متنوعة الأشكال في الإطاحة بها، فرادى أو مجتمعة، هذا الواقع ووقائع أخرى، جعلت احتمال بحث خروج بلد أوروبي ما من العملة الأوروبية المشتركة، أمرا واردا يطرح بشكل صريح، بعد أن كان مجرد طرح الفكرة في بداية الأزمة الاقتصادية يثير الهلع أوروبيا.غير انه، وبعد أن باتت العملة الموحدة تطرح على المنضوين تحت لوائها الكثير من المشكلات وبشكل متزايد، إلى حد دفع بعض الأوساط لأن تتوقع، ألا يتخطى اليورو عتبة العام الجديد، فالانسحاب من اليورو يبدو أمرا معقدا للغاية كما أن كلفة الخروج من اليورو ستكون أغلى بكثير من كلفة الأزمة المالية. فحسب الخبير الاقتصادي الدكتور اشرف العيادي "فإن الخروج من "منطقة اليورو" اليوم هي عملية مكلفة جدا. خروج اليونان مثلا من "منطقة اليورو" سيكلفها 45 بالمئة من ناتجها القومي الخام. كذلك خروج فرنسا أو ألمانيا أو أي بلد أوروبي آخر ستكون كلفته غير بعيدة عن هذه النسبة. ويضيف الدكتور اشرف العيادي أن "المشكلة في "منطقة اليورو" ليست اليورو وإنما المشكلة هي الهيكل العام وهندسة "منطقة اليورو" على المستوى القانوني. وبالتالي فإن الحديث عن الخروج من "منطقة اليورو" لا ينفصل عن الحديث عن إعادة النظر في المعاهدات القائمة بين مختلف البلدان الأوروبية بما فيها معاهدة لشبونة وماسترخت. وإذا كان التشاؤم بشأن اليورو بعد أكثر من اثني عشر عاما على ولادته، يسود الموقف حاليا ويزداد التعثر في أكثر من بلد أوروبي وفي غياب أي حل للازمة وسعيا للحد من الأضرار تعمل فرنساوألمانيا حاليا على عدة خيارات لإصلاح العملة الموحدة والخروج من الأزمة ومنها التوجه تدريجيا نحو "منطقة يورو" بسرعتين كما يقول الخبير الاقتصادي الدكتور اشرف العيادي أي "منطقة يورو" أولى قوية فيها بلدان مندمجة على المستوى الاقتصادي وتحترم قواعد متشابهة اجتماعيا وضريبيا وكذلك على مستوى ميزانية الدولة، و"منطقة يورو" ثانية مهمشة أكثر هشاشة وغير قادرة لوحدها على مواجهة الأسواق العالمية إلا بدخولها للمنطقة الأولى". اتحدت البنوك المركزية الأوروبية لضخ قليل من الأوكسجين وكثير من الأموال في "منطقة اليورو" التي تهدد بالتأزم قبل أيام من الموعد الحاسم لقمة مالية تهدف لدراسة وسن عملية إعادة تقويم شاملة للقواعد المالية في الاتحاد الأوروبي. بالانتظار فإن الأسواق لا تزال تترقب ردا واسع النطاق على أزمة الديون وتعول في ذلك على البنك المركزي الأوروبي الذي قد يعيد شراء جزء كبير من ديون الدول المأزومة أو على صندوق النقد الدولي لكن مساعدته تبدو أصعب. وعليه، فان إطلاق الورشة الإصلاحية، تحت ضغط الأزمة وطبقاً لرغبة برلين، يجب أن يترافق مع اعتماد الحلول العاجلة لهذه الأزمة، كإطلاق يد البنك المركزي الأوروبي في معالجة مشاكل الديون، طبقاً لرغبة باريس.