في ليلة "خريفية" وذلك الهواء البارد المتسلل الى الاطراف فتشعر براحة المكان.. كان الفنان الكبير حسن مصطفى احد ضيوف تلك الجلسة التي عقدت هكذا بالصدفة.. وعندما يتحدث فنان له تجربته الفنية لا بد ان يستمع اليه الآخرون بكل اهتمام وان يسجل ما قاله على الورق لتعكس شيئاً من آرائه التي قالها ويؤمن بها. وقد كان هذا الحديث الذي لم يكن كل ما قاله من آراء ولكنه جزء بسيط منه حيث وصف فناننا الكبير حسن مصطفى حال الوضع الفني هذه الايام في العالم العربي بحالة "التوهان" فليس هناك اغنية مشبعة بالمعنى تخاطب "الوجدان" ان ما نراه هو شيء يشبه "التنطيط" لا الكلمة الحساسة التي تملك عليك احساسك.. هل هناك من يستطيع ان يحفظ جزءاً ولو بسيطا من أغنية في هذه الأيام ويقوم بترديده ابدا بينما هناك اغانٍ لمحمد عبدالوهاب وكارم محمود وعبدالحليم حافظ ناهيك عن ام كلثوم انني اكاد احفظ نصوص تلك الاغاني، ترى صوتي جميل، وعن المسرح قال: استطاع التلفزيون ان يسحب جمهور المسرح اليه فأنت في منزلك يأتيك المسرح ولهذا قل رواد المسرح وبالتالي لم يعد هناك تنافس مسرحي يعطي الجودة للعمل فكسل المؤلف وخمل الممثل لهذا المسرح وهو ابو الفنون يكاد يختفي الآن. وعن فوارق بين ممثلي أيام زمان الخمسينات والستينات والآن قال:هناك فوارق كبيرة جدا لقد كان الفنان له هيبته بل وسطوته سواء كان على المسرح او امام الكاميرا لقد مررت بهذا الموقف ذات يوم امام الفنان رشدي اباظة في احد الافلام وكان يقوم بدور "باشا" وكنت اقوم بدور رجل بسيط واستطيع ان اقول انني عندما اقوم بعمل اتقنه جدا احفظ الدور وادوار الآخرين بجانبي واعرف ماذا يدور امام الكاميرا وكان المشهد ينص ان ادخل على "الباشا" وهو رشدي اباظة في صالونه وان اقول كلمة فجأة وانا ادخل عليه الصالون اصبت بحالة ارتباك لدهشة الموقف الذي كان عليه من هيبة واحد باشا بحق وحقيقة .. فصرخ المخرج "اوستب" ايه مالك يا حسن فقلت له لقد سرحت، كان هناك ممثلون كبار مثل حسين رياض محمود مرسي زكي رستم وفؤاد المهندس وكان هناك فرقة الريحاني وغيرهم وهناك فنانات كبار مثل امينة رزق، وماري منيب وغيرهن كثيرات. الآن ائتني بمثل اولئك، كما يقول الشاعر: اولئك آبائي فأتني بمثلهم اذا ما جمعتنا يا جرير المجامع/من عظمتهم. لقد كانوا يفصلون بين عملهم على المسرح وامام الكاميرا وبين عملهم في الحياة العامة خذ مثلا "ابو لمعة" كان ناظر مدرسة ومن اشد النظار التزاماً فتلك الشخصية الساخرة على المسرح غيرها في العمل وهذه قدرة لا يستهان بها.وعن حكاية النظار قيل له لقد كنت ناظراً في مدرسة المشاغبين وكان سبقك على هذا الدور الفنان عبدالمنعم مدبولي. ** نعم في بداية عرض مسرحية مدرسة "المشاغبون" كان يقوم بدور الناظر الفنان عبدالمنعم مدبولي وهو فنان كبير ثم اختلف معهم واسند الدور الي وكان اختباراً كبيرا لان "مدبولي" فنان كبير ومتمكن من دوره لكنني ولله الحمد توفقت ويمكن ان اقول انني تفوقت في ذلك الدور على نفسي. وعن معد النص المسرحي لها قال صحيح علي سالم قام بتمصير العمل فهو مأخوذ عن روائية اجنبية صورت لفيلم سينمائي لكن ادخلت كثيراً من الافيهات على "النص" المسرحي من خلال احد القادرين على ذلك كان من اقرباء الكاتب الصحفي محمود السعدني رحمه الله ثم لا تنسى الفنانين انفسهم هم اولاد مسرح وشاطرين في خلق "الافيهات" على المسرح فخرجت المسرحية بهذا الشكل الجميل. وقال عن الفنان احمد زكي بانه كان فنان خطير جدا لقد تنبأت له بهذا عندما اشترك معي في عمل قبل مدرسة المشاغبين فقلت هذا -الولد- سوف يكون له مستقبل كبير وقد كان رحمه الله. وقال ان الفنان الآن يكاد يفقد معطياته الشخصية النابعة من داخله فهو حريص على المادة المالية قبل المادة العطائية ان صح التعبير. اننا في زمن الفضائيات بكل ما فيها من جميل وسيء لكن المشكلة ان السيء طغى على الجميل مع الاسف الشديد.