أحمد زكي مات.. يونس شلبي في حالة حرجة.. سعيد صالح قلبه مفتوح.. هكذا تبدو الضحكة الجميلة للمشاغبين في حالة احتضار وفي طريقها للصمت بعد أن اكتست بسواد الألم والوجع، ولم يبق لها صوت إلا على شفاه الزعيم (بهجت الأباصيري) الشهير ب(عادل إمام) لكن حتى شفاه الزعيم لم تعد بنفس البهجة التي كانت عليها وبالطبع هذا أمر طبيعي وهو يري عقد المشاغبين ينفرط ويقع حبة وراء الأخرى، بينما الكوميدية تدخل عالم مظلم من الإفيهات المبتذلة والشخصيات التي تبدو بعيدة تماما عن الواقع في أفلام هي أقرب إلي فقعات الصابون ! وضح الحزن الشديد على عادل إمام خلال زيارته لصديق عمره سعيد صالح في المستشفى رغم محاولاته الدائمة لفرض الضحكة على وجوه المحيطين لكن نبرة الحزن والألم لم ستسطع أن يخفيها خاصة وهو يري الضحكة تحتضر أمام عيونه، هؤلاء نجوم أشهر مسرحية مصرية في تاريخ المسرح التجاري (مدرسة المشاغبين).. هؤلاء الذين نجحوا على مدي سنوات طويلة في رسم الضحكة على شفاه الملايين.. هاهم إليوم يجترون أحزانهم وحدهم في غرفة مغلقة بمستشفى ! رحل أحمد (شاعر المشاغبين) الذي أصبح بعد ذلك واحد من أهم نجوم السينما المصرية على الإطلاق، ودخل (منصور ابن الناظر/ يونس شلبي) في غيبوبة المرض ولم يعد قادرا على التفوه بكلماته غير المفهومة وطريقته التي أصبحت حركة في تيار الكوميدية، هاهو اليوم على فراش المرض وحده يجتر حزنه ويبكي على أيام الضحك الجميلة.. أما (مرسي الزناتي/ سعيد صالح) فهو الآن في المستشفى بعد أن استسلم لمشرط الجراح ليفتح قلبه بسبب عدد من الشرايين المتعبة ليقولها بصوته المرتفع (مرسي الزناتي وقع يا رجالة).. هذه المشاهد التي تعيد إلي الذاكرة مجموعة من الأحداث التي غالبا ما ترتبط بأهل الضحك ونجوم الكوميدية فغالبا ما تكون النهاية حزينة ومن منا ينسى ما حدث لعبد الفتاح القصري صاحب نورماندي توفي آخر حياته التي انتهت في مستشفى الدمرداش مشلولا كفيفا ليرحل في صمت ولم يسر خلفه سوى بضعة أفراد من الشارع، وما حدث لنجم الكوميدية وأشهر من أنجبت مصر في الضحك إسماعيل ياسين الذي تعرض لأزمات مادية عديدة في نهاية حياته جعلته يموت في صمت وهكذا تظل الضحكة دائما في حالة انتظار نهاية حزينة ! وبين هذا الركام من الأخبار الحزينة تظل ضحكة واحدة تعافر وتبحث لها عن شفاه، يظل عادل إمام (الزعيم) وحده في الحلبة مواجها تيار الأحزان بوجه مخطوط بسنوات كفاح وتعب عبر تجاعيد تكشف عن ضحكة عنيدة تقف بالمرصاد لكل لحظة حزن !