عندما قرأت ولازلت أقرأ مرات كتاب الأديب الأستاذ محمد حسن عواد "خواطر مصرحة" ( وهي عبارة عن مجموعة مقالات كتبها هذا الأديب في آخر أيام الحكم الهاشمي في الحجاز أي في الفترة مابين 1921-1925م) أُصعق لأن كثيراً من الآراء والمطالب والحث في هذه المقالات يمكن أن يقال اليوم للأمة فكأنما هذه الأمة بقيت في مكانها لم تتحرك أو أن هذا الاديب كان لديه بعد نظر عما سنكون عليه اليوم فلله دره ليس ذاك فقط ولكن دعوني استعرض معكم الجزء الأخير من قصيدة أيضا الاديب الرائع الذي عاش في بداية العهد السعودي وكتب هذه القصيدة منذ اكثر من سعبين عاما الشاعر حمزة شحاته رحمه الله، ففي قصيدة مطلعها: جلّ الاسى وتتابعت زفراتي ودننا المشيب فقلت حان مماتي وهو هنا يذكرني بقصيدة اللغة العربية للشاعر حافظ إبراهيم والتي مطلعها: رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي وناديت قومي فاحتسبت حياتي رموني بعقم في الشباب وليتني عقمت فلم أجزع لقول عداتي وفي آخر القصيدة يقول شحاته: لكنني فرد ولست بأمة من لي بمن يصغي لصوت شكاتي من لي بشعب نابه مستيقظ يسعى لهدم رذائل العادات من لي بشعب عالم متنور ثبت الجنان وصادق العزمات من لي بشعب باسل متحمس حتى نقوم بأعظم النهضات من لي بشعب لا يكل ولايني يسعى إلى العليا بكل ثبات إن البلاد بأهلها فبجهلهم تشقى وتلقى أعظم النكبات وإذا توحدت الجهود لخيرها سعدت ونالت أرفع الدرجات ألا ترون معي بني أمتي أننا لا زلنا إلى اليوم نطالب بنفس مطالب حمزة شحاتة؟ لماذا هذا التخلف؟ لماذا هذا الوهن؟ لماذا هذا؟ وحتى متى هذا وهذا؟ حقيقة شيء مؤلم ومحير ولماذا نحن نراوح مكاننا لا نتحرك إلى الأمام شبراً كل يوم لماذا نحن لازلنا متخلفين علميا وأدبيا وخلقيا و.. و.. الخ شيء حقيقة غريب فنحن نملك كتاباً وسيرة فيها العلم والأخلاق والاب والتضحية والقدوة و.. و.. و.. الخ لماذا ندعي اننا امة عظيمة ورثت المجد من أمة الإسلام الاولى وحكمنا من الصين الى حدود فرنسا والمحيط الاطلسي أية امة لا تستحي ان تدعي انتماءها الى اولئك العظماء وهي لا زالت في غياهب جب التخلف في كل شيء أمة تقف بكل ملايينها امام امة صهيون الأربعة فلا تستطيع عمل شيء وتقف امام العالم لتتباهى بقتل ابنائها بأيدي ابنائها لان متكبرا ومتجبرا لا يريد أن يترك لأبناء بلده حقهم في اختيار من يحكمهم بعد ان حكمهم سنين طويلة فلم يجدوا معه سوى الفقر والذل والتخلف. ما هذا يا أمتي واهلي ألا يجب علينا في المؤسسات العربية والاسلامية التي تصرف عليها الملايين ان نعمل خطة لاخراج هذه الامة من مآسيها فيتعلم ابناؤها العلوم كلها ما يصلح به الدنيا ويصلح به الدين ألا يجب ان يخرج منا عظماء ليكون لنا الحق في الادعاء بأننا نحن احفاد اولئك القادة والعلماء في الدولة الإسلامية في عهد بني العباس وقبلهم بني أمية اننا ننشئ في كل يوم منظمات ومؤسسات عملية سواء تلك المرتبطة بالثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية او تلك الحرة كالمؤسسة التي انشأها الأمير خالد الفيصل واسمها مؤسسة الفكر العربي أو.. أو.. هياكل نريد أن نرى منها خططا مرسومة ومفصلة تعمل لنا كأمة عربية خارجة طريق للعلا والمجد والحرية وكل ما تتمناه هذه الأمة. رحم الله كل ابناء النهضة الاولى في عالمنا العربي ومنهم استاذنا العواد وشاعرنا الرقيق حمزة شحاته وأسأل الله ان يهيئ لنا من امرنا رشدا ويخرج من هذه الأمة رجالاً تقودها إلى عزها وسؤددها وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.