يقول قاسم حداد (يفتح أوراقه.. يمسك بالقلم.. يسطع البياض في الشاطئ الفسيح.. يقول: سأكتب. كيف أكتب؟ متى أكتب ؟ ويزيد الأوراق مساحة تلهج في البياض.. قلمه يرتجف بين أصبعين.. يكتب، يمحو، لا يكتب، لا يعرف أن يكتب.. لكننا نقرأ بياضه بانتشاء). وأنا الآن أمسك البياض، ولكني لا أعرف من أين سأبدأ بالمعانقة. أفكار وأفكار تزاحمت على بوابة التعبير فأربكت اختياراتي بياض الأوراق ينتظر. والحروف لا تهطل ألوانا. اعتدت أن أكتب بنبضي وعفويتي.. لأني لا أجيد البوح إلا بأيادٍ تنبض وقلوب تكتب. لم أجد ما أنفحه للبياض، سوى البياض.. فالتمسوا لي العذر، إن لم أكتب ما تدركه أبصاركم. أغمضوا أعينكم لربما ألفيتموه في مساحات النقاء داخلكم. مهرجانات الألوان والأقنعة البلاستيكية، تزاحم النور. تحاول أن تنافسه المدى. لم تعلم بأن النور لا تحجبه الأجسام المعتمة، حتى وإن لم تخترق شفافيته دياجير ظلمتها. يتخطاها بهيمنة. ولا تنال منه سوى ظل يتمدد جانبها باستسلام وخنوع. ظل قد يستظل به مسافر أو تطأه أقدام العابرين. أما النور.. فيملأ الكون ذهبا.. مانحا الدفء والضياء. وإن أغمض عينيه، فالآخرون ينتظرونه أملا في شروق فجر جديد غارقا بالبياض. وتبقى العتمة للعتمة ولن تكون شمسا في يوم من الأيام. ألوان علبة الألوان يمك والورق كله معاك أرسم الشيطان أو أرسم على وجهك ملاك. الرمادي كان أبيض لكن الأسود غشاه. أنتزع بهجة ربيعه وحّد أرضه مع سماه. طاغي اللون الحيادي مثل كل الشر .. طاغي وحتى لون الخير الأبيض في حياد وإن حضر .. صافي وراقي. للبشر ألفين معنى ألف صورة وألف لون والنقاء معنى وصورة لون واحد يا تكون أبيض.. وإما ما تكون. فماذا تريد أن تكون؟