كأنها "لعبة القط والفأر".. لقد راقبتها في اكثر من موقع يوم اول من أمس، فقد تقاطر "أسطول" كبير من الناقلات الضخمة "يشفط" المياه من أمام مدرستين للبنات في حي المساعد بقويزة، وعندما انتهى العمال من اداء دورهم، عاد المكان ليمتلئ بالمياه مرة أخرى بعد ساعات من محاولات تجفيفه.. ثم ذلك وسط دهشتي، وكثيرين امثالي ممن كانوا يراقبون المشهد "الكوميدي" فهناك مياه جوفيه قادمة من عمق الحي، تستقر في الأماكن المنخفضة، ثم يفيض عنها ما يزيد إلى اماكن اخرى وهكذا. هدر حقيقي يقول لي احمد الغامدي من سكان الحي إن هذا هدر حقيقي للمال وللجهد، وانا استغرب كيف لا توجد عين بصيرة لدى الاخوة في أمانة جدة، فالمياه التي تتسرب إلى أمام المدارس مثلا هي في الواقع قادمة من عمق الحي، وحلّها بسيط على المهندس او المهندسين، ولا يمكن بداهة أن اسحب مستنقعاً سطحياً هو بالأصل مفتوح على ماء يتدفق، لأنه وبكل بساطة سوف يمتلئ بعد ساعات مرة أخرى. جهد هزيل فهل المقصود مثلا تصوير المسألة على أنها جهد من أمانة جدة، يتم التقاط الصور له، ويسجل على انه انجاز.. لا.. يا أخي؟ الانجاز الحقيقي ان تمنع مصدر الماء الجوفي من التدفق، لا أن تسحب المستنقع البعيد، فيعود الى الامتلاء بعد يومٍ واحد. ولذلك فإننا يمكن ان نطلق على هذا الجهد بأنه لعبة القط والفأر بين أمانة جدة وبين المياه الجوفية التي طلعت على وجه الأرض وصارت تغرق الشوارع، وتشكل مستنقعات مائية خطرة على الصحة وكذلك صارت تمثل اعاقة لمرور الناس والطلاب والطالبات، وأظن ان هذا الجهد من امانة جدة إنما هو جهد هزيل لا يسمن ولا يغني من جوع. عمل متأخر وفي مكان آخر خلف دار نفسية في حي الرغامة 3 بجدة قال لي المواطن علي السلمي وهو يرى الوايتات تشفط مستنقعات مائية في مكان مجاور للمتوسطة 81 للبنات، وقد تحول لونها إلى الأخضر من التعفن وطول مدة بقائها إن هذا جهد طيب من الامانة تشكر عليه، ولكن المطلوب هو اكثر من ذلك، لأن الموجود الآن في هذه المستنقعات هو بفعل المياه الجوفية التي لم يتوقف جريانها منذ الأمطار الأخيرة. أين فكر المهندسين؟ كان يجب على أمانة جدة البدء في انجاز مشروع صغير، لكنه مهم وهو اقامة انبوب من مصدر المياه الجوفية الى حيث قناة الصرف غرب محطة المساعد، تحت الخط السريع، فهذا ابسط واسرع حل، وهذا في الواقع نعرفه نحن الناس العاديون، فكيف تغيب هذه الفكرة عن مهندسي امانة جدة، وعن خبرائها ؟!!.. والواجب ان يكون العمل محكماً وجيداً وله أثر واضح على الأرض، بدلاً من حكاية شفط المياه اليوم، لتعود صباح الغد كما كانت.