يحمل كل موسم من مواسم الدوري الانكليزي الممتاز سحرا جديدا ينتظره عشاق الكرة في جميع أنحاء العالم، والحال لم يختلف مع انطلاق منافسات موسم 2009-2010 والذي يحمل في طياته الكثير من الأرقام التي تملك دلالات كثيرة. يعد الدوري الممتاز تمثيلا حقيقيا لمعنى العولمة في كرة القدم، فالمشاركة في المسابقة الأشهر والأكثر إثارة في أوروبا باتت حلما لجميع لاعبي الكرة حول العالم، ليفوق عددهم عدد اللاعبين البريطانين، فمن بين 634 لاعب يشارك في الدوري، يبلغ عدد الأجانب 362 لاعبا، بينما اكتفى البريطانيون بتواجد 272 لاعبا، يبلغ عدد الانكليز منهم 242. كل هذا يشكل قلقا بالنسبة لمحبي المنتخب الانكليزي الذين يعتبرون بأن السبب الرئيسي وراء فشل المنتخب في احراز البطولات يعود لكثرة الأجانب في الدوري الممتاز. الأمر قد يبدو مبررا اذا نظرنا إلى فريق عريق مثل ارسنال والذي يضم ثلاثة لاعبين انكليز في تشكيلته فقط وهو أقل عدد من اللاعبين الإنكليز في الدوري. في المقابل، يضم فريق ولفرهامبتون عشرين لاعبا انكليزيا في صفوفه، ليكون أكثر فرق الدوري اعتمادا على اللاعبين المحليين. إلا أن كل هذا لن يقف في وجه اللجنة المنظمة للدوري الممتاز والتي تعتبره مسابقة عالمية تضم الأفضل من جميع أنحاء العالم، حيث تشهد منافسات هذا الموسم مشاركة لاعبين من 64 جنسية غير بريطانية، يتقدمهم الايرلنديون ب44 لاعبا، بينما يأتي الفرنسيون خلفهم ب34 لاعبا. كما يتم تمثيل 18 دولة بتواجد لاعب واحد فقط من كل منها مثل الإيراني اندرانيك تيموريان مع فولهام، وقائد سندرلاند الألباني لوريك كانا. سحر الدوري الممتاز لم يتوقف عند اللاعبين فقط، فامتلاك ناد في أقوى المسابقات العالمية يعد مكسبا كبيرا من الناحية المادية، إضافة لما يحمل ذلك في طياته من مكانة اجتماعية وهيبة. ورغم أن نواقيس الخطر بدأت تدق في الإعلام البريطاني حول فقدان الأندية لهويتها وتراثها العريق إن عادت ملكيتها لغير الإنكليز، إلا أن ذلك لم يقف في طريق وقوع ملكية تسعة أندية في أيدي ملاك أجانب. حصة الأسد في الملكية الأجنبية تعود للأميركيين الذين يمتلكون بطل المسابقة ورمز الدوري الممتاز مانشستر يونايتد، صحبة ليفربول الذي مازال يعد أنجح الأندية الإنكليزية، إضافة لأستون فيلا وسندرلاند. الحضور العربي كان قويا ومهما عبر دولة الإمارات العربية المتحدة وناديي مانشستر سيتي وبورتسموث، إضافة للتواجد المصري عبر مالك فولهام محمد الفايد. عقد الملاك الأجانب يكتمل مع الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش وناديه تشلسي، دون نسيان مجموعة سي بي هولدنغ المالكة لنادي وست هام. وإن تهافت الأجانب على تملك الأندية، فإن الرعاة في تنافس دائم ايضا لمشاهدة اسمهم مطبوعا على قمصان الأندية والتي تعد الدعاية المثلى لاي منتج نظرا للانتشار العالمي للمسابقة وحرص المشجعين على اقتناء قمصان أنديتهم. التواجد العربي كان حاضرا ايضا في منافسات هذا الموسم عبر دولة الإمارات مرة جديدة، حيث يرعى طيران الاتحاد نادي مانشستر سيتي، بينما تحمل قمصان ارسنال شعار طيران الإمارات. الرعاة تنوعوا من مؤسسات مالية وشركات ألكترونيات ووقود وغيرها، إلا أن هوس البريطانيين بالمراهنات ورواجها هناك ساعد تلك الشركات في انتشار أسمائها على سبع من قمصان الأندية. التنافس لم ينته هنا، فالشركات المصنعة لقمصان الأندية تحرص بدورها على أن تكون حاضرة بقوة في الدوري الممتاز، حيث اعتمد القسم الأكبر من الأندية على شركة "نايكي" الأميركية التي تصنع قمصان خمسة أندية، إضافة لشركة "أمبرو" التابعة لها والتي صنعت قمصان ستة أندية أخرى. وإن كان المال هو المحور الأهم في عالم الكرة، فإن حديث الصيف لم يكن سوى حول ناد واحد هو مانشستر سيتي الذي كان الاكثر انفاقا على ضم اللاعبين بعد أن دفع 120 مليون جنيه استرليني ليجلب مواهب مثل تيفيز واديبايور وليسكوت وغيرهم. أعلى صفقات موسم الانتقالات الصيفية الإنكليزية كان الأرجنتيني كارلوس تيفيز بعد أن انتدبه السيتزن من شركة "ميديا سبورتس" للاستثمارات مقابل 5ر25 مليون جنيه. ورغم أن أكثر الأندية تحاول عدم التصريح عن أسعار صفقات ضم اللاعبين، إلا أن المبالغ المعلنة تجعل تشكيلة نادي تشلسي الأغلى، حيث كلف الفريق الحالي مالك البلوز الروسي أبراموفيتش ما يقرب من 259 مليون جنيه، بينما أتى سيتي ثانيا بما يقرب من 245 مليون. وإن لم يكن من المفاجئ أن يحتل بيرنلي الترتيب الأخير من ناحية الإنفاق بعد صرفه 68ر6 مليون في الانتقالات المعلنة، إلا أن المفارقة هي أن هذا المبلغ يوازي الراتب السنوي لقائد تشلسي جون تيري الذي يعد أعلى اللاعبين دخلاً في المسابقة. الكثيرون يعتبرون المال أحد العوامل التي تفرض الاحترام، إلا أن منزلة الإنسان وانجازاته قد تعد المقياس الحقيقي للتقدير والهيبة، وفي هذا المجال، فإنه لا يمكن لأحد أن يقارن بالسير اليكس فيرغوسون الذي يعد أنجح مدرب في تاريخ إنكلترا، لكن هذا ليس كل شيء، فالاسكتلندي هو أكبر مدربي المسابقة عمرا مع بلوغه سن ال68، يليه مدرب توتنهام هاري ريدناب ب62 عاما، بينما يبقى الوافد الجديد ومدرب ويغان الإسباني روبرتو مارتينز الأصغر سنا بعد أن احتفل بعيد ميلاده ال36 في /يوليو الماضي. يحمل السير اليكس رقما قياسيا اخر يتمثل بكونه أكثر المدربين استمرارا مع ناد واحد في إنكلترا، حيث يعد هذا عامه الثالث والعشرين مع يونايتد، يليه الفرنسي أرسين فينجر ب13 عاما، وديفيد مويس بسبع سنوات. لكن إن كان هناك عولمة كروية من ناحية اللاعبين، فإن الحال لم يختلف من ناحية المدربين. سبعة من الأندية العشرين اعتمدت على مدربين أجانب كان أخرهم الإيطالي كارلو أنشيلوتي، بينما حظي سبعة مدربين إنكليز بالفرصة للتدريب مع أندية أخرى، أما البقية، فقد أتوا من باقي دول المملكة المتحدة وأهمهم دون أدنى شك هو السير اليكس. يفتخر الدوري الممتاز دوما بعراقته وجذوره المتأصلة في التاريخ، وبالحديث عن القدم، فإن البعض قد يتفاجئ من حقيقة أن ستوك هو شيخ الأندية الإنكليزية في الدوري الممتاز، حيث مر حوالي 146 عاما على تأسيسه، مع احتلال فريق مثل يونايتد للترتيب الثامن في القدم مع 131 عاما، بينما يأتي آرسنال وليفربول في المركزين الرابع عشر والخامس عشر على التوالي. وإن كان من المتوقع أن يكون ويغان الأحدث ب77 عاما فقط، إلا أن ثاني أحدث أندية الدوري الحالي تأسيسا هو تشيلسي ب104 أعوام فقط. ورغم أن الأرقام تتوزع عادة على مجمل الأندية، إلا أن ناديين قررا احتكار احصاءات طريفة فيما بينهما. البداية مع بورتسموث الذي ضمت تشكيلته أكبر لاعبي المسابقة عمرا وهو حارس المرمى الإنكليزي المخضرم ديفيد جيمس ب39 عاما، إلا أن البومبي سيشرك في فريقه هذا الموسم ايضا أصغر لاعبي البطولة وهو الفرنسي غوتيه ماهوتو البالغ من العمر 17 عاما. أما النادي الأخر فهو توتنهام الذي يضم أطول لاعبي الدوري وهو بيتر كراوتش ب198 سم والذي يتمتع بتسجيل الأهداف من تمريرات زميله الأقصر في المسابقة أرون لينون ب165 سم. لكن مهما تنوعت الأرقام، فإن أهمها يبقى الرقم واحد والذي سيتغنى به بطل الدوري في /مايو.