قتل 175 على الأقل في سلسلة من التفجيرات في العراق خلال الأسبوعين الأخيرين معظمهم في مناطق يغلب على سكانها الشيعة مما يثير مخاوف من تعرض السنة لهجمات انتقامية يمكن أن تجر العراق مجددا الى أعمال عنف طائفي. ووقعت اكبر الهجمات من حيث عدد القتلى في شمال العراق حيث استطاعت عناصر تنظيم القاعدة وجماعات متشددة أخرى الاختباء في الجبال واكتسبت موطيء قدم باستغلال النزاعات على الأرض والنفط والسلطة بين الأكراد ومسؤولي الحكومة في شمال العراق من جانب وبغداد من جانب آخر. ويشير ساسة ومحللون الى دوافع سياسية للعنف قبل الانتخابات العامة التي تجري في يناير. وفيما يلي تفسيرات وآثار محتملة للعنف الذي ازداد بعد انسحاب القوات الامريكية المقاتلة من المدن في يونيو. هجمات انتقامية يشنها الشيعة على السنة أدى تفجير ضريح شيعي عام 2006 الى أعمال عنف طائفية أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وشهدت بغداد إلقاء عشرات الجثث في شوارعها كل يوم. وهدأت أعمال العنف من هذا النوع منذ ذلك الحين لكن السلام هش في مناطق كثيرة من العراق. وظلت الميليشيات الشيعية التي أنحي باللائمة عليها في هجمات انتقامية سابقة على متشددين سنة غير نشطة لعدة اشهر لكن من المرجح أن تزيد الهجمات الكبرى على الشيعة احتمال وقوع أعمال انتقامية. وينحى باللائمة عادة على جماعات سنية متشددة مثل القاعدة في الهجمات على أهداف شيعية. لكن حتى الآن لم تظهر الا مؤشرات قليلة على أعمال عنف متبادلة او نداءات بالانتقام. وتنظر الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة الى الساسة المعتدلين السنة على أنهم خونة ونادت بقتلهم. وكان سنة قد قالوا في الأنبار ومناطق أخرى إنهم قد يشكلون تحالفا مع زعماء الشيعة العراقيين لخوض الانتخابات المقرر إجراؤها في يناير كانون الثاني. اضطراب سياسي . يقول الكثير من الساسة والمحللين إن الهجمات ضد أهداف سنية وشيعية محاولات من قبل المتشددين لإخراج العملية السياسية في العراق عن مسارها قبل الانتخابات البرلمانية. ويعمل ساسة من السنة والشيعة والأكراد والمسيحيين حاليا لبناء تحالفات جديدة. وقد يخدم تنفير العراقيين من هذه الشراكات بعض الجماعات الطائفية ويدفع المواطنين الى التصويت على أساس طائفي. ولم يعلق الساسة كثيرا على أعمال العنف التي وقعت الأسبوعين الأخيرين باستثناء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي قال للعراقيين مجددا إن عليهم أن يتوقعوا مزيدا من أعمال العنف قبل الانتخابات. ويمكن أن يكون القصد من هذه التفجيرات تدمير الثقة الجماهيرية في المسؤولين الحاليين بعد ان راهن المالكي على الأمن بسمعته بينما أشيد بزعماء العشائر السنية لتحقيقهم الأمن في منطقة كانت ذات يوم خاضعة لسيطرة متشددين سنة. وينحي بعض المحللين باللائمة على الخلافات داخل الطوائف في بعض الهجمات نظرا الى أن التحالفات بين السنة والشيعة لخوض الانتخابات البرلمانية لعام 2005 قد تمزقت الى حد كبير. وتداعى التحالف الشيعي الموسع الذي تولى الحكم عام 2005 وكانت محاولات إعادة إحيائه مثيرة للجدل. تفجر صراع بين الأكراد والعرب تحولت بؤرة المخاوف الأمنية الى شمال العراق بعد ان خفتت أعمال العنف الطائفي في الاشهر الثمانية عشر الأخيرة. وقالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) يوم الثلاثاء إنها "قلقة جدا" بسبب التوترات بين الأكراد والشيعة التي يصفها المسؤولون الأمريكيون بأنها اكبر تهديد لاستقرار العراق. ووقعت أكبر الهجمات من حيث عدد القتلى في الاسبوعين الاخيرين بالقرب من مدينة الموصل بشمال العراق وقد تزيد التوترات الكبيرة أصلا اشتعالا في محافظة نينوى وعاصمتها الموصل. ويعتبر الأكراد أجزاء من نينوى التي يغلب على سكانها العرب ومناطق أخرى في شمال العراق جزءا من وطنهم القديم ويريدون ضمها الى كردستان اقليمهم شبه المستقل الذي يقع بشمال البلاد. ويرفض عرب المنطقة وحكومة المالكي هذه المزاعم. ومن غير المرجح أن يكون اي من الجانبين وراء التفجيرات لكن متشددين استغلوا الخلاف. وسهلت قلة التنسيق بين المسؤولين العراقيين العرب والأكراد في نينوى على المتشددين ممارسة أنشطتهم وسمحت لهم المناطق النائية حول الموصل بالاختباء. وقال قائد للقوات الأمريكية بشمال العراق يوم الثلاثاء إن قدرة تنظيم القاعدة ازدادت. وثارت مخاوف من أن متشددين عربا ربما يكسبون التأييد بتجسيد أنفسهم على أنهم حصن ضد ما يعتبرونه زحفا كرديا. ومن الممكن ايضا أن يثير هذا صراعا بين الشيعة والأكراد خاصة اذا استجابت حكومة بغداد لنداءات لإرسال مزيد من قواتها الى الشمال لتعزيز الأمن. وخاض جنود عراقيون عدة مواجهات ضد قوات البشمركة التابعة لحكومة اقليم كردستان في المناطق المتنازع عليها. وجاء اجتماع نادر للمالكي مع الرئيس الكردي مسعود البرزاني في كردستان هذا الشهر ليقلل من احتمالات وقوع أعمال عنف. وتناقضت تصريحاتهما التي تنطوي على مصالحة نسبية مع الخطاب العنيف الذي ميز تصريحاتهما المتبادلة في العام الأخير واتفقا على إجراء مزيد من المحادثات لتخفيف حدة التوتر.