عقب انتهاء التظاهرات الحاشدة التي شهدتها الخرطوم، أمس الأول، بدأت قوى سياسية فاعلة في البحث عن مخرج للأزمة الحالية التي جاءت بسبب الاتفاق السياسي المبرم بين قائد الجيش ورئيس الوزراء، في ظل مطالبة الشارع الدائمة بمدنية الدولة وتسليم رئاسة المجلس السيادي للمكون المدني في أوقرب وقت ممكن، بينما يشير الاتفاق إلى استمرار المكون العسكري في السلطة دون تحديد وقت معين لتسليمها للمدنيين، وهو ما يرفضه الشارع قطعيا. وعادت أمس (الأحد) خدمة الاتصالات والإنترنت بشكل تدريجي في العاصمة السودانية بعد انقطاع استمر لأكثر من عشر ساعات، إذ أقدمت السلطات السودانية على قطع الخدمة قبيل انطلاقة تظاهرات دعت لها لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين للإعلان عن رفض الاتفاق السياسي الموقع مؤخرا بين رئيس الحكومة عبدالله حمدوك وقائد الجيش رئيس المجلس الانتقالي عبدالفتاح البرهان، بينما أعلن الأمن السوداني إصابة 58 فرداً من رجال الأمن في التظاهرات، وأفادت لجنة أطباء السودان المركزية بتسجيل 178 إصابة خلال التظاهرات التي وصلت إلى محيط القصر الجمهوري بالعاصمة السودانية الخرطوم، وسط هتافات رافضة للاتفاق السياسي، ما اضطر السلطات الأمنية لإطلاق الغاز المسيل للدموع في مواجهة المتظاهرين بشارع القصر. وقال الأمن السوداني إنه تم اعتقال 114 شخصاً في التظاهرات، وتم اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم. وقالت وكالة الأنباء السودانية إن الخرطوم وعدة ولايات في البلاد شهدت مظاهرات رفض فيها محتجون الاتفاق الموقع في نوفمبر الماضي وطالبوا كذلك بإسقاط قرارات 25 أكتوبر الماضي، والتي أصدرها البرهان، مبينة أن المظاهرات تأتي في إطار "جدول زمني وضعته لجان المقاومة والأجسام الثورية الأخرى من تجمعات مهنية وتنظيمات سياسية رافضة" للاتفاق السياسي وقرارات أكتوبر، واتفاق 21 نوفمبر الفائت، الذي وقعه البرهان وحمدوك، المتضمن تشكيل حكومة كفاءات، إلا أن قوى سياسية ومدنية عبرت عن رفضها للاتفاق، متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل. ولا تزال الأوضاع السياسية في السودان غير مستقرة، وسط خلافات بين المكونات المدنية والعسكرية، لذلك يسعى قادة كيانات سياسية لإيجاد صيغة مثلى للخروج من الأزمة الحالية، وبالتالي تهدئة الشارع الرافض للقرارات الأخيرة.