بين فينة وفينة تطالعنا الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي بأخبار كارثية، ومصائب مجتمعية، ووقائع مريرة !! تتمثل في ارتكاب جرائم فظيعة وشنيعة!! وكل ذلك في مجتمع متدين محافظ متعلم بل عنوان للثقافة!! فما السبب ؟!! وماهي الدوافع ؟!! وعلى سبيل المثال لا الحصر الجريمة النكراء التي راح ضحيتها شابان في عمر الزهور وفي مقتبل العمر ، القاتل والمقتول!! أحدهما في عمر 17 عاما والآخر في عمر 18 عام !! وسبب هذه الجريمة تافه لا يتعدى خصام وشجار على موقف مما أدى إلي تطور الموضوع لجريمة قتل هزت المجتمع السعودي !! فما ذنب والديهما وأسرتهما وأقاربهما أن يفجعوا جميعاً بهذا الخبر المحزن الصادم ؟!! لا شك أن هناك فجوة في التربية الوالدية والمجتمعية تتمثل في المدرسة والأصدقاء والعادات والتقاليد .. فمن التربية الخاطئة وعلى سبيل المثال ( الرجل من يأخذ حقه بيده – إن لم تكن ذئب أكلتك الذئاب – الرجل من يرد الصاع صاعين – ياروح مابعدك روح – الموت ولا الغبنة – لا تكون رخمة – تنضرب وأنت رجال – الرجل سلاحه معه ووو…. إلخ . كل تلك الجمل والأمثال والتي زُرعت في عقل كل طفل منذ الصغر جعلت الطفل ينمو وتنمو معه تلك الأفكار حتى صارت جزء لا يتجزأ من حياته !! تم تجاهل تعاليم الدين وهدي الشريعة في أن المؤمن هيّن ليّن مبدأه التسامح والعفو عند المقدرة – والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه – والعافين عن الناس – (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ). إلاسلام يدعو دائما إلي التخلص من العداوة ،و الكراهية ،و غرس المحبة في نفوس الناس ،و هنا نتذكر قول المولى عزوجل في كتابه العزيز ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميم ) ويجب أن نغرس في عقول النشء أن الإسلام يهدف إلي العفو، و التسامح وهذا مايؤدي إلى تقدم ،و نهضة المجتمع ،و القضاء على عدد كبير من المشكلات التي تنشأ بين أبنائه ،و بالطبع من أبرز ثمار التخلص من هذا المشكلات .. الإهتمام بالبناء و التعمير . بل ويصبح الإنسان متمتعاً بشخصية إيجابية ،و أكثر انشغالاً بمستقبلاً ،و طموحاته التي يسعى إليها. والأعظم من ذلك الفوز بمغفرة الله سبحانه ،و تعالى، و محبته ،و جنته يتأكد ذلك من خلال هذه الآية الكريمة .. ( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )..و في آية آخرى يقول الله سبحانه وتعالى .. ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ). ومن هنا نوجه دعوة للآباء والأمهات لغرس مثل تلك الفضائل في نفوس أبنائهم فأنتم من يغرس والأبناء من يحصد.. وكذلك المربين الفضلاء من المعلمين والمعلمات في المدارس لنستطيع من خلال تكاتفنا جميعاً أن نغيّر تلك الأفكار السلبية والعادات المقيتة وننقذ الأنفس البرية من تلك الحماقات المغروسة في عقول فلذات أكبادنا .. [email protected] Twitter:@drsaeed1000