سؤالٌ كثيراً ما يخطر بالبال، هل يمكن للبشر من مخلوقات الله جميعاً، محاولة كتابة سيرهم الذاتيّة..؟؟ أم أن هذا الأمر مقتصر فقط على المُبدعين والمشاهير والقادة وغيرهم ممن يحملون أسماء مجلجلة في الإعلام والأخبار، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي..؟؟ حتى الآن، معظم كتب السير الخاصّة تكتب عن هؤلاء المشاهير الذين يوقعون بأسمائهم فوق النجوم، أو يكتب المبدعون بأنفسهم سير حياتهم الخاصّة، فيما يسمّى مسيرة حياة، أو مذكرات خاصّة، أو أياً ما يكون العنوان، فهو في النهاية يتحدّث عن شخصية واحدة نملأ صفحات الكتاب، من الغلاف الأول وحتى الغلاف الأخير. لست هنا ضدّ كتابة السير الخاصّة، بل إنني أحب لو أن الفرصة أتيحت لكل البشر أن يسردوا مسيرتهم الذاتيّة على الورق للآخرين. أو في أي وسيلة إعلاميّة حديثة. لا يهمّ، المهم أن يتعرّف الناس على فصائل أخرى من الناس، واتجاهات أخرى من الأفكار، وثقافات أخرى نحن غرباء عنها، وهي غريبة عنا. هل تعرفون ما سيحدث حين يتحدّث البشر جميعاً لبعضهم البعض، حين يفضون بمكنونات صدورهم على مسامع وعيون العالم ؟؟ ربما لا نتوقع ما سيحدث، ربما تكون تلك السير الخاصّة أجمل وأكثر إثارة وتشويقاً مما يبدعه الآخرون. ربما نقرأ عن ثورات ومغامرات، وأسرار، وخطط، وممارسات اجتماعيّة وسياسيّة وغيرها، حيوات أخرى لبشر آخرين لم نتوقع وجودهم بيننا، وعلى ظهر هذه الأرض، تجارب أخرى، وخبرات جديدة تضاف إلى عقولنا ووعينا وأفكارنا الحاليّة. الكثير ممن وضعوا حياتهم بين دفتي كتاب، أصبحوا يمثلون قدوات حميدة ومثاليّة للأجيال التي توفرت لها تلك الكتب. الكثير ممن اطلع وقرأ تلك السير، أدرك أنه ليس وحده من يبتلى، من يحرم من أمور كثيرة، من يموت جوعاً، وقهراً، وألماً، فهناك الكثير من الأصوات المستغيثة عبر العالم، والتي لا يمكننا أن نسمعها، ولا يمكنها أن تصل إلينا لأسباب وعراقيل كثيرة، لكنها عرفت الضيم والجوع والبرد والتعذيب، والسجون، والحروب. وجربت في حياتها ما لم يصل إلينا إلا في الأخبار والصحف اليوميّة، والتي أصبحت بالنسبة لنا مجرد تحصيل حاصل. فقد اعتدنا على كل تلك الأخبار البغيضة، أن نردّد عدد القتلى في انفجار إرهابي، أو انتحار جماعي، أو هجوم عدواني، دون أن نذرف دمعة واحدة، ودون أن نفكر بهؤلاء البشر، ما هم، ما هي شخصياتهم..؟؟ كيف كانوا يقضون أوقاتهم، هل لهم أقارب آخرون سيبكونهم، هل كانوا يتوقعون الموت بهذه الطريقة..؟؟ وألف ألف سؤال يخطر في البال، لكنها لا تخطر لنا ونحن نقلب الصحف، ونغيّر محطات التلفاز من قناة لأخرى. لذا كنت أعتقد أنه لو تمكن كل شخص من البشر من توثيق حياته ويومياته، فربما نعرف حينها معاناتهم، ونشعر بآلامهم، ونتتبع خطواتهم من المهد إلى اللحد.. إنه مجرد اقتراح فقط، ومجرد حلم من أحلامي النهارية التي لا تنتهي، ولا تنقطع حتى في ساعات الليل المؤرقة الطويلة. مرتبط