في هذه السطور.. سوف أستعرض بعضاً من القيم والمواقف السلبيّة والمدمّرة لثقافة أبنائنا ومستقبلهم القادم، سواء الصغار منهم، أم من هم في طور المراهقة. وهي مواقف ومشاهد تتكرّر دائماً بشكل عادي دون رقيب، أو مرشد، لبيان الأضرار الناتجة عن مثل هذه الأفعال. سواء كانت تلك المشاهد والأفكار المبثوثة من خلال برامج الصغار وأفلامهم، أم من خلال برامج الكبار وأفلامهم المتنوّعة. ولن أركز هنا على اللقطات العنيفة التي يحب الأبناء متابعتها، بل على الأمور التي تبثّ من خلال تلك اللقطات، والتي لا ننتبه لها بحكم الاندماج في هذه المسلسلات والأفلام، والتأثر بما تقدّمه من قصص ربما تكون إنسانيّة أو اجتماعيّة.. في البداية هناك الأمر الديني، والقيمة المثلى التي نربّي أبناءنا وننشئهم عليها، ألا وهي التوحيد لله الواحد الأحد. حيث تتكرّر مواقف النطق بالإلحاد، وعدم الإيمان بوجود الأديان السماوية، ووجود إله للكون، وعدم الإيمان بالآخرة والحساب والثواب، من خلال الكثير من الحوار الدائر بين أبطال هذه الأفلام والمسلسلات، والتي يكون معظمهم من صغار السن. ومن مواقف الكبار، نلاحظ دائماً هذا الحوار الذي يجري في معظم الأفلام والمواد المتلفزة،على لسان الأبطال المؤدّين لهذه الحكايات، حين يقول أحدهم بتبجّح وسخرية: -أنا لست مؤمناً، فهل أنت كذلك؟؟ ولو توقفنا عند هذه النقطة فقط قبل الدخول في معمعة الانحدارات الأخرى، فلن نجد وقتاً لسرد بقية السلبيات الضارّة والمدمّرة لعقول أبنائنا وبناتنا. من تلك الأمور المُغرقة في الإسفاف والضرر، عدم احترام الوالدين، سواء الأم أو الأب، ومخاطبتهما وكأنهما أقل من فئة العبيد لهم، ورفع الأصوات عليهما بكل بذاءة، وقلة حياء، وتجريدهما من أفضالهما التي كرمهما الله بها، وعصيانهما في كل شيء. وهذا ما نشاهده كثيراً في اللقطات التي يقوم بها الأبناء بضرب الأب، أو الأم، وسرقة أموالهما وحاجاتهما الخاصة، والغياب عن البيت دون سبب ودون عذر ودون تبليغ، مع رفاق السوء، ما يزيد من قلق الآباء عليهم ومحاولة البحث عنهم بمشقة. ماذا عن التدخين، والمخدّرات، والشراب، والإدمان، الذي تكون لقطاته واضحة وضوح الشمس على الشاشات، بكل ما يتخلله من لهو وخلاعة ومجون؟؟ وما يترتب عليه من تشجيع على تحصيل تلك الأمور وتقليدها دون رادع أو خوف من أي ضمير أو منهج خلقي وديني ..؟؟ ماذا عن الثياب التي ترتديها بطلات الأفلام والمسلسلات التي يهتمّ بمشاهدتها الكثير من المراهقين والمراهقات، والتي تؤدّي إلى نتائج وخيمة، سواء بتقليد هذه الأزياء من قبل البنات، أو بما تؤدّيه من دور كبير في إثارة الغرائز وتفجيرها في أذهان الأبناء والبنات..؟؟ لم تنتهِ تلك السلبيات، ولا تزال القائمة مليئة باللقطات البذيئة والمريبة، والتي يعتبرها الأبناء قدوة وأمثلة جميلة يقومون بتقليدها وتطبيقها على الواقع، من خلف الأبواب الموصدة، والتي لا يوجد فيها رقيب ولا إشراف مستمر ودائم.. رفقاً بالأبناء، فإنهم أمانة نحملها في أعناقنا حتى يوم القيامة، وحمايتهم وبناء شخصياتهم مسؤوليتنا الكبيرة، التي يجب علينا أن نضعها في أولى مهامنا التربوية والحياتية، فصلاحهم صلاح للغد والأمة والمستقبل، وفسادهم فساد لكل القيم والأسس التي نحاول غرسها فيهم، من أجل مجتمع فاضل وكريم، وقائم على أسس سليمة من الرعاية والبناء، والرقابة.