(إهداء إلى روح زوجي وليد الجمل -رحمه الله-) ليلتها،ران صمت رهيب على البيت.فوليد انسحب متثاقلا إلى غرفته،ليستلقي على السرير ،ويحاول إلهاء نفسه بمتابعة بعض البرامج التلفزيونية.بينما قاوم محمد الارهاق،والنعاس الذي كان يداعب عينيه بعد ليلة طويلة ،وخرج ليلتقي بعض أصدقائه عله يروح على نفسه قليلا.لم يكن يقطع سكون البيت إلا أصوات الاواني المنبعثة من المطبخ،حيث كانت شيرين منهمكة في إعداد وجبة الغداء لزوجها بالكيفية التي أمر بها .الطبيب من حين لاخر،كانت تغفل عن الطعام فوق آلة الطبخ لترد على مكالمات الاهل،والاصدقاء الذين كانوا يتصلون للاطمئنان على صحته،ومعرفة نتائج آخر التحاليل،ورأي الطبيب .المعالج في ذلك ما كان يحيرها،وفي نفس الوقت يزيدها صبرا،وثباتا،هو سماعها له وهو يردد كلما أخذت له الهاتف : ما فيش حاجة.أنا كويس.النتائج مبشرة والطبيب طمني.ما تقلقوش علي .أنا صحتي زي البمب !! يااااه كم أنت متفائل يا وليد.ومتمسك بالحياة ، لقد هد المرض جسدك ،ولكنك بقيت كالطود الشامخ.فرغم انفعالاتك وغضبك،وثورتك،إلا أنك كنت دائما فنانا في رسم الابتسامة على شفتيك أمام الناس . كانت تحاور نفسها،وهي تساعده في تغيير ثيابه.قبل أن تحضر له الماء ليتوضأ،ويصلي وهو على السرير،إذ لم يكن يقوى على النهوض لفعل ذلك . كان الجو خانقا،فالمكيف متوقف عن التشغيل،وجسد وليد الذي نخره المرض،وأفقده . الكثير من مناعته لم يعد يتحمل التكييف . – هدير…هدير…هي هدير فين يا شيرين؟أنا .عايز أشوفها. فهمت أنه دخل في حالة من الهذيان.فقد انتابته كثيرا خلال الايام الماضية.وضعت يدها على جبهته،فأحست أن حرارته أخذت في .الارتفاع. – هدير تصل غدا /إن شاء الله/محمد هيروح يجيبها من المطار . – وحشاني يا بنتي.وحشاني.خايف أموت قبل ما .أشوفك وهي تجفف جبهتها من العرق ببعض الكمادات المعقمة، راحت تسترجع ذكريات زواج ابنتهما، وكيف كان رغم المرض يقف بكامل أناقته موزعا ابتسامته المعهودة على الجميع. يومها كان شديد الأناقة، وقد ملأت عينيه الحياة، وعلت وجهه حمرة،جعلته ينافس الشباب في مظهرهم، رغم بياض شعر لحيته الكثة. لقد كانت أجمل لحظات حفل الزفاف، حين تأبط ذراع مدللته،ليسير بها وسط القاعة الفسيحة، تحت أنغام الموسيقى التي عمت الأجواء . غادرت في صمت،لتجلب بعض الكمادات المجمدة ،ومضادات حيوية قد تساعد في .تخفيض حرارته. تسمرت على عتبة باب الغرفة حين سمعته يتمتم: -شيرين…لو ربي افتكرني.إوعي أنت والأولاد تنسوني بالدعاء. ودون أن تلتفت إليه،هرولت هاربة صوب المطبخ. ( ذكريات حبي وحبك ما انساهاش هي أيامي اللي قلبي فيها عاش فيها أحلامي قلتها وحققتها لي فيها أحلامي لسه أنا ما قلتهاش اللي فات من عمري كان لك من زمان واللي باقي منه جاي لك له أوان واحب تاني ليه واعمل في حبك إيه دا مستحيل قلبي يميل ويحب يوم غيرك أبدا أهو دا اللي مش ممكن أبدآ) يتبع..