لا يختلف اثنان على أن ثغرات تنظيم حج الداخل وفق ضوابط محددة وصارمة تسبب على مدى أعوام طويلة في مشكلات كثيرة، إن كان في الافتراش ومشكلاته الكبيرة المؤثرة سلبا في الموسم، رغم الجهود الكبيرة لوزارة الحج والأجهزة الأمنية، أو مبالغات الأسعار. وقبل أيام اعتمدت وزارة الحج ثلاث شرائح اساسية لبرنامج المسار الإلكتروني لحجاج الداخل هذا العام، تضاف للشرائح المعتمدة قبل ذلك لبرنامجي حج منخفض التكلفة والحج الميسر، وسيتفرع عن هذه البرامج الثلاثة عدد آخر من البرامج بحسب فئات المخيمات بمشعر منى، والخدمات الأخرى التي تقدمها المؤسسة للحجاج، بما يتيح للمواطن والمقيم فرصة اختيار مقدم الخدمة من بين حملات حج الداخل، وبرنامج خدمات السكن والتغذية والنقل من مدينة الحاج إلى المشاعر المقدسة والعودة منها، والسعر الأنسب له، حيث ستتدرج الأسعار تبعاً لهذا التنوع، اضافة إلى ما يتاح أمام المواطن والمقيم من خدمات أخرى توفرها بعض منشآت حجاج الداخل. بنود الخدمات والأسعار لشرائح المسارات جاءت مفصلة بما لا يترك مجالا للتلاعب، وعنوان ذلك هو أسعار الشرائح التي جاءت على النحو التالي: الشريحة الأولى (7546-8146) ريالاً – الشريحة الثانية (7295- 7895) ريالاً – الشريحة الثالثة (5893-6493)ريالاً – شريحة الابراج: ( 11890) ريالاً – برنامج حج منخفض التكلفة: (3000 – 5250) ريالاً – برنامج الحج الميسر (3000)ريال. لا شك أن المسارات الجديدة ارتكزت على ملاحظات ونتائج موسم حج كل عام، خاصة ما يتعلق بالخلل الحاصل من الحملات المنظمة لحجاج الداخل وما يحدث من بعضها من عدم التزام واستغلال البعض في المواسم السابقة، وتراوحت المخالفات بين حملات وهمية جمعت أموالاً طائلة، وأسعار خيالية بلغت أكثر من 18 ألف ريال للفرد في بعض الحملات، وتدني مستوى خدماتها بل اختفاء بعض الخدمات وترك حجاجها يعانون مشكلاتهم. ولهذا فإن الإجراءات الجديدة بتحديد المسارات الإلكترونية وتوحيدها خطوة موفقة، وقد أعلنت الوزارة أنها جاءت بعد دراسة شاملة من بيوت خبرة متخصصة، وما أبداه المجلس التنسيقي واللجنة الوطنية للحج والعمرة من ملاحظات أخذت الوزارة بالمناسب منها لتحقيق التوازن المنشود بين مصالح الطرفين وهما حجاج الداخل ومقدمي الخدمة. وبهذا نأمل ان تقطع الاجراءات الجديدة الطريق على الحملات الوهمية وأي مظاهر للانتهازية والاستهتار، كما أحسنت الوزارة بتحديد مسؤوليتها في الاشراف المباشر والرقابة على تطبيق الأنظمة من حملات الحج ومن ثم تشديد العقوبات على أي مخالفة. أيضاً الاسعار الجديدة لشرائح حجاج الداخل أصبحت معقولة بالنسبة لمختلف الشرائح، فالقادر يستطيع تحمل أسعار الشرائح الأولى والمتميزة وهي معقولة لهم نظراً لمستوى الخدمة ، وأيضاً ذوي الامكانيات الضعيفة الراغبين في اداء الفريضة وفق برنامج الحج الميسر، لكن يظل الواقع هو الاختبار الحقيقي لمصداقية الحملات، وستظهر نتائج ذلك خلال أيام الحج وبعدها، ومن ثم تقييم نسبة نجاح المسارات وثغرات الخلل والمخالفة إن حدث، حيث ستسهم الآليات الجديدة في رصد أي مخالفة وسهولة ايصال الشكوى، وسرعة التعامل معها من الجهة الرقابية المعنية. المهم الحزم ودون تهاون في العقوبات. لا نتمنى حدوث مخالفات خاصة التلاعب، بل اسهم الجميع في النجاح، فخدمة الحاج هي قبل كل شيء شرف ومسؤولية على الجميع، وتقديم الخدمات والارتقاء بها من الجهات الأهلية أمر مطلوب دائماً شرط توازن المصلحة المتبادلة بين الحاج وتلك الحملات، لأداء المسؤولية على أكمل وجه بنفس الاعتزاز الذي تحرص عليه الدولة، بإنجاز المشروعات الضخمة وأرقى الخدمات لتوفير أفضل سبل الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين. وفق الله الجميع.