أقفل في السادس عشر من مارس الحالي ملف السباق المحموم نحو استضافة نهائيات كأس العالم 2018 و2022، وأعلنت دول عدة رغبتها في الفوز بهذا "الكنز الثمين" منها دولة عربية واحدة هي قطر. وتتنافس قطر مع دول عريقة منها من قدم ترشيحا مشتركا (إسبانيا-البرتغال وبلجيكا-هولندا) ومنها من قدم ملفا منفردا مثل إنكلترا وروسيا عن القارة الأوروبية، فضلا عن الولاياتالمتحدةوالمكسيك عن أميركا الشمالية والوسطى، إلى جانب أستراليا واليابان وإندونيسيا وكوريا الجنوبية والصين عن القارة الآسيوية. يذكر أن الدولتين الفائزتين بشرف استضافة مونديالي 2018 و2022 يجب أن تكونا من قارتين مختلفتين، على أن تجري عملية التصويت لاستضافة البطولتين في نفس التوقيت في ديسمبر عام 2010. وتستضيف جنوب افريقيا مونديال 2010 في يونيو المقبل بينما تحتضن البرازيل نسخة عام 2014 . وسيقوم الاتحاد الدولي في الاول من ابريل المقبل بتوزيع اتفاقية عرض الاستضافة واتفاقية المضيف وحدد 11 ديسمبر 2009 الموعد النهائي لإرسال اتفاقية عرض الاستضافة الموقع عليها من قبل الفيفا. وتأتي الخطوة القطرية استكمالا لسلسلة من المناسبات الهامة التي تستضيفها الدوحة في العاب القوى وكرة المضرب والدراجات النارية اضافة الى انها اختبرت قدرتها على التنظيم من خلال استضافة دورة الالعاب الآسيوية عام 2006، وهي كانت اعلنت ترشيحها لاستضافة دورة الالعاب الاولمبية عام 2016، لكنها استبعدت من القائمة المختصرة التي ضمت شيكاغو وطوكيو ومدريد وريو دي جانيرو. الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم اكد عقب تقديم طلب رسمي لاستضافة مونديال 2022،ان هذه هي خطوة أولى في مشوار الاستضافة مشيرا الى ان قطر تملك المنشآت والبنية التحتية والفنادق وكل متطلبات الفيفا التي حددها أمام الدول. وشدد على ان "الدوحة نجحت في استضافة دورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة 2006، كما أنها في طريقها إلى استضافة دورة الألعاب العربية 2011، وبطولة كأس آسيا لكرة القدم 2011". أما اليابان وكوريا الجنوبية فيدخلان المنافسة هذه المرة بشكل منفرد بعدما احتضنا العرس الكروي عام 2002. وينافسهما اسيويا اضافة لقطر كل من أندونيسيا والصين وأستراليا. اوروبيا تواجه إنكلترا التي استضافت مونديال 1966 منافسة من داخل "القارة العجوز"، أمام روسيا والملفين المشتركين لكل من إسبانيا (استضافت المونديال عام 1982) والبرتغال، وهولندا وبلجيكا اللتان استضافتا نهائيات أمم اوروبا عام 2000. ولم تتمكن دول أمريكا الجنوبية من دخول السباق على استضافة أي من البطولتين، لأن البرازيل ستستضيف النهائيات العالمية عام 2014. وتكمل المكسيك (احتضنت المونديال مرتين عامي 1970 و1986) والولاياتالمتحدة قائمة المتنافسين من قارة اميركا الشمالية والوسطى. ورغم العروض الكثيرة المقدمة لهذا الغرض، الا ان السويسري جوزف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لم يخف حماسه وتاييده لاستضافة انكلترا مونديال 2018. وقال بلاتر في تصريح له هذا الشهر اثناء زيارة قام بها لمدينة مانشستر الانكليزية "أريد أن أكون حياديا لكن بإمكاني القول أن انكلترا مرشحة قوية لاستضافة كأس العالم عام 2018"، مضيفاً "هناك ملفات اخرى لاستضافة مونديالي 2018 و2022 لكني أرى أن انكلترا تملك ملفا متينا جدا". وكرر عدم رضاه عن الملفات المشتركة لإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وهولندا، مشيراً إلى أن الاتحاد الدولي وافق في 2002 على ملف كوريا الجنوبيةواليابان المشترك لأسباب سياسية. واعتبر أن كأس العالم حينها لم تكن في بلدين بل كان الوضع مشابها لاقامة مونديالين مع نفقات مضاعفة وبمردود مالي خاص بمونديال واحد. وحدد الاتحاد الدولي عددا من الشروط والمواصفات أمام الدول الراغبة في استضافة كأس العالم أهمها أن تكون البنية التحتية والخدمات عالية الجودة في البلد المضيف لتحقيق متطلبات هذا الحدث العالمي،إلى جانب توافر 12 إستادا تملك إمكانيات الحد الأدنى من المقاعد ما بين 40 ألف متفرج لمباريات المجموعات، و80 ألفا لمباراتي الافتتاح والنهائي. ويشترط الفيفا توفر أعلى مستويات البث التلفزيوني والمعلومات والتكنولوجيا والاتصالات وشبكات متطورة للمواصلات والإقامة. في المقابل فان تسابق الدول على استضافة العرس الكروي لا يعود فقط لكون الحدث يخطف انظار عشاق المستديرة من مختلف أصقاع الكرة الارضية فحسب، انما لانها ايضا مشروع اقتصادي مربح ويوفر العديد من فرص العمل لابناء البلد المضيف. واذا كان الملايين من سكان العالم ينظرون لمنافسات المونديال على انها حلقات متتابعة من المتعة اليومية، فان هذه المتعة ليست رياضية فقط بل تمتد تداعياتها في مجالات اخرى. ووفرت فرص عمل للعاطلين قدرت بما يقارب 600 ألف وظيفة، استثمر ثلثها، لفترة أطول بعد انتهاء البطولة وفق احصائية لاحدى المؤسسات المصرفية في برلين. وقدرت وزارة الاقتصاد الألمانية العائد من استضافة ألمانيا لكاس العالم بنحو 10 مليارات يورو اقتصر فقط على الجانب الاقتصادي المجرد.وتم استثمار ما يقارب 6 مليارات يورو في قطاع المواصلات، وبناء المنشآت الرياضية والبنية التحتية لقطاع السياحة. كما استفاد القطاع السياحي وشركات النقل والطيران بشكل مباشر من جراء تزايد عدد الزائرين واستغلالهم للفنادق والمطاعم والمقاهي وسيارات الأجرة والمواصلات العامة وارتياد محلات الشراء والحصول على تذاكر المباريات. ويكفي ما قاله الخبير الالماني في اقتصاديات الرياضة، هولغر برويس، من أن مدينة ميوينخ قفزت 15 عاما إلى الإمام بعد المونديال. ولعل الحديث عن "كعكة" المونديال بالنسبة للدولة المستضيفة، لابد وان يذكرنا في الختام بالمبالغ الطائلة التي يجنيها الفيفا والتي وصلت في مونديال 2006 لنحو ملياري يورو من عائدات النقل التلفزيوني والشركات الراعية.