أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير أمس الأربعاء بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في دارفور. وأمر الاعتقال هو الاول الذي تصدره المحكمة التي يقع مقرها في لاهاي ضد رئيس في السلطة منذ انشائها في عام 2002 . وهذا الاجراء يمكن ان يثير مزيدا من الاضطرابات في السودان والمنطقة المحيطة به. وقالت المحكمة انها لم تجد أسانيد كافية لتضمين قرار الاتهام بحق الرئيس السوداني تهمة الابادة الجماعية لكنها وجهت الى البشير سبعة اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية . وقالت المتحدثة باسم المحكمة لورانس بليرون في مؤتمر صحفي "الصفة الرسمية لعمر البشير كرئيس دولة في الحكم لا تمنع مسؤوليته الجنائية ولا تمنحه حصانة من المحاكمة امام المحكمة الجنائية الدولية." وقال لويس مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ان "ضحايا (البشير) هم المدنيون الذين يفترض ان يتولى حمايتهم بصفته الرئيس" مضيفا ان حكومة السودان ملتزمة بتنفيذ أمر الاعتقال. وأضاف ان "الامر قد يحتاج الى شهرين أو عامين لكنه سيواجه العدالة". وتجمع مئات المتظاهرين في وسط الخرطوم للاحتجاج على أمر الاعتقال. وقال مسؤولو اغاثة انه بعد ساعات من صدور قرار المحكمة ألغى السودان تراخيص ست وكالات اغاثة اجنبية على الاقل دون ان يذكر سبب الالغاء. وقال أحد مسؤولي الاغاثة "هذا خطير جدا. سيكون له تأثير شديد على العمل الانساني في دارفور."وتصاعد التوتر ايضا في دارفور حيث قال مسؤولون بالامم المتحدة ان مئات من جنود القوات الحكومية قاموا باستعراض للقوة في أنحاء مدينة الفاشر عاصمة الاقليم. وهذا القرار يمكن ان يضر باحتمالات السلام في السودان ويضع القوى الغربية في مواجهة ضد مؤيدي الحكومة السودانية. وفي أول رد فعل رسمي أكدت الخرطوم على لسان نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه أن الحكومة السودانية ستمضي في مواجهة القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بشأن اعتقال الرئيس عمر البشير لإفشاله، وستعد سعيها في هذا الصدد مثل قضية التحرر الوطني ضد هيمنة الاستعمار الأجنبي.وأكد طه في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة السودانية الخرطوم عقب صدور القرار أمس الأربعاء اطمئنان السودان لعدالة هذه القضية، معتبرا أن تأييد الدول العربية والأفريقية ودول عدم الانحياز ومجموعة ال77 وغيرها للسودان ليس مجاملة أو تعاطفا وإنما تعبير عن مواقف تحتاجها لحماية أوضاعها وسيادتها وقرارها الوطني.وقال إن القضية سياسية وإن الحكومة السودانية ستتحرك مع الدول الداعمة لها ومع أعضاء مجلس الأمن خاصة الصين وروسيا اللذين يملكان حق النقض لمواجهة قرار المحكمة، وثمن مواقف الدول التي ساندت السودان لا سيما الموقف المصري والعربي عموما.وأضاف طه أن الموقف الوطني الداخلي متماسك ورافض للقرار، بما في ذلك الحركة الشعبية لتحرير السودان، وأكد أن الحكومة سنمضي في مسيرة السلام بما في ذلك مسار دارفور وإنفاذ جميع مشروعات التنمية. واعتبر نائب الرئيس السوداني أن المطلوب من وراء هذا القرار هو زعزعة الاستقرار في السودان ووقف مسيرة التنمية التي أزعجت الدول الغربية، وإعطاء إشارات خاطئة لمتمردي دارفور بأن قضيتها في الإطاحة بالنظام السوداني وليس مفاوضته هي الأولى وكان البشير أكد قبل ذلك في خطاب ألقاه بالولاية الشمالية في السودان أنه غير مكترث بأي قرار تصدره هذه المحكمة.وقال في كلمة ألقاها لدى افتتاح سد مروي بالولاية الشمالية أمس الأول أن بلاده ظلت تتجاهل القرارات الدولية المتآمرة عليها وكانت دائما ترد عليها بمواصلة تعزيز التنمية الداخلية في مختلف القطاعات.من جهته قرر مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري مواصلة الجهود المشتركة بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز لمواجهة الآثار المترتبة على قرار المحكمة.