صمد الاتفاق أو الهدنة المفتوحة في حرب غزة في الوقت الذي يتعرض فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لانتقادات حادة في اسرائيل بسبب حرب مكلفة مع المقاومة الفلسطينيين لم تسفر عن انتصار اسرائيل سوى جرائم حرب وابادة جماعية. وفي شوارع قطاع غزة توجه الناس إلى المتاجر والمصارف في محاولة لاستئناف حياتهم الطبيعية بعد أسابيع طويلة من القتال. وعاد الاف فروا من المعارك ولجأوا الى الاقامة في المدارس او مع أقاربهم الى منازلهم لكن البعض لم يجد سوى ركام. وكان نتنياهو قد قال في مؤتمر صحفي إن إسرائيل وجهت لحماس أقوى ضربة على الإطلاق ورفضت مطالبها للتوصل إلى هدنة. واضاف إن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان الهدوء سيطول. ثم هدد نتنياهو حماس قائلا "إذا استأنفت إطلاق النار لن نتهاون حتى مع قطعة صاروخ على أي جزء من اسرائيل. سنرد بعنف أشد من ذي قبل." لكن معلقين اسرائيليين أبدوا خيبة أملهم إزاء قيادة نتنياهو لأطول جولة قتال بين إسرائيل والفلسطينيين خلال عشر سنوات. وعبر أعضاء في الائتلاف الحاكم الذي يقوده نتنياهو أيضا عن خيبة أمل مماثلة. وأظهرت استطلاعات رأي إسرائيلية تراجع شعبية نتنياهو بشدة وهو ما أورده تلفزيون القناة العاشرة الاسرائيلية حيث منحه المشاهدون في استطلاع رأي 55 في المئة نزولا من 69 في المئة في بداية الشهر. وكتب المحلل شيمون شيفر في صحيفة يديعوت أحرونوت أكثر الصحف الإسرائيلية مبيعا "بعد نحو شهرين الا قليلا من الحرب التي قتل فيها عشرات الجنود والمدنيين وتدمير أسلوب حياتنا اليومية ووضع البلاد في محنة اقتصادية... كنا نتوقع أكثر من اعلان وقف اطلاق النار. "كنا نتوقع أن يذهب رئيس الوزراء إلى مقر الرئيس ويبلغه بقرار الاستقالة من منصبه." ويقول مسؤولون بقطاع الصحة الفلسطيني إن 2139 شخصا معظمهم مدنيون وبينهم أكثر من 490 طفلا قتلوا في قطاع غزة منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة في الثامن من يوليو تموز بهدف معلن هو وقف الهجمات الصاروخية من غزة على اسرائيل. وقتل 64 جنديا إسرائيليا وستة مدنيين. ودعا اتفاق وقف اطلاق النار الاخير إلى وقف أعمال القتال لأجل غير مسمى وفتح معابر غزة مع إسرائيل على أن يتفق الفلسطينيون ومصر على الفور وتوسيع المنطقة المخصصة للصيد في مياه البحر المتوسط قبالة القطاع. وأبدى مسؤول كبير في حماس استعدادا لأن تسيطر قوات أمنية تابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس وحكومة الوحدة التي شكلها في يونيو حزيران على المعابر الحدودية. وقال مسؤولون إنه بمقتضى المرحلة الثانية من الاتفاق والتي ستبدأ بعد شهر ستناقش إسرائيل والفلسطينيون بناء ميناء بحري في غزة واطلاق إسرائيل سراح أسرى حماس في الضفة الغربية وربما مبادلتهم برفات جنديين إسرائيليين يعتقد أنها لدى حماس. وفي غزة احتشد عدة آلاف من الفلسطينيين وهم يهللون ويلوحون برايات حماس الخضراء في الوقت الذي أعلن فيه اسماعيل هنية القيادي في الحركة في أول ظهور له منذ بدء الحرب تحقيق النصر على إسرائيل في الحرب الأخيرة. وقال عوزي لانداو الوزير في حكومة نتنياهو وهو من حزب اسرائيل بيتنا في أقصى اليمين لراديو اسرائيل "انهم يحتلفون في غزة." وقال ان نتائج الحرب بالنسبة لاسرائيل "قاتمة للغاية" لانها لم تحقق الردع الكافي الذي يمنع حماس من مهاجمة اسرائيل مجددا. وأبدى ناحوم بارنيا أحد أبرز الكتاب في الصحف قلقه "من أنه بدلا من تمهيد الطريق للقضاء على التهديد من غزة فنحن نمهد الطريق للجولة المقبلة في لبنان أو غزة." وكتب في صحيفة يديعوت أحرونوت "توقع الإسرائيليون زعيما .. رجل دولة يعرف ما يريد أن يحققه. شخص يتخذ قرارات وينخرط في حوار صادق وحقيقي مع مواطنيه... حصلوا على متحدث متمرس ليس أكثر." وكتب بن كاسبيت في صحيفة معاريف اليومية إن إسرائيل لم يتحقق لها النصر في صراع أسفر عن "انهيار صناعة السياحة واقتراب الاقتصاد من الركود." ولكن اليكس فيشمان مراسل الشؤون العسكرية في يديعوت أحرونوت دافع عن نتنياهو وكتب "يمكن أن يحسب لرئيس الوزراء ووزير الدفاع أنهما أدركا عدم جدوى هذه المواجهة من اللحظة الأولى وانتهزا كل فرصة ممكنة لوقف اطلاق النار." وقدر البنك المركزي الاسرائيلي ان يتسبب الصراع في تراجع معدل النمو المتوقع هذا العام نصف نقطة كاملة. لكن مع انتظار نتائج الخطوات الدبلوماسية المتوقعة بشأن غزة لم يكن هناك حديث علني بين شركاء نتنياهو في الائتلاف عن اي تحرك لفضه. وفي مؤشر آخر على تأثير الهدنة خففت مصر الاجراءات المشددة على معبر رفح مع غزة وذكر بيان لبرنامج الاغذية العالمي ان مصر سمحت لامدادات البرنامج التي تحتوي على شحنة من 25 ألف طرد غذائي بدخول القطاع الساحلي للمرة الاولى منذ عام 2007 . وسمحت اسرائيل بانتظام بدخول شحنات سلع غذائية وانسانية أخرى الى غزة من خلال المعبر عبر حدودها أثناء القتال الاخير أيضا. وذكر موقع للحكومة على الانترنت ان 5359 شاحنة تحمل سلعا عبرت معبر كرم أبو سالم مع غزة منذ الثامن من يوليو تموز وهو اليوم الذي اندلع فيه القتال. وقالت إسرائيل إنها ستسهل تدفق السلع المدنية والمساعدات الإنسانية والخاصة بالاعمار على القطاع إذا حدث التزام باتفاق وقف إطلاق النار.