كشفت نتائج الاستفتاء المثير للجدل في شبة جزيرة القرم عن رغبة في ترك أوكرانيا والانضمام إلى روسيا. لكن تلك النتائج جاءت متأخرة 23 عاما بالنسبة إلى الرجل الذي كان رئيسا للقرم لمدة قصيرة وهو "يوري ميشكوف". ربما كانت مزحة، بل بالتأكيد كانت مزحة، لكن الأهم أنها جاءت من ميشكوف، أول رئيس للقرم، بل رئيسها الوحيد حتى الآن. لقد انتخب سكان القرم أستاذ القانون عام 1994 رئيسا بأغلبية كبيرة، بفضل برنامجه الذي دعا إلى إعادة توحيد شبة الجزيرة الأوكرانية مع روسيا. ومثل العاشق المتلهف، صعد ميشكوف آنذاك إلى طائرة متوجهة إلى موسكو، لكن مقترحاته قوبلت بالرفض من جانب بوريس يلتسين، رئيس روسيا في ذلك الوقت. وكان الرئيس الروسي مهتما جدا ببناء علاقة مع الغرب، أكثر من اهتمامه بإثارة مشاكل قد تجلبها عملية ضم القرم إلى بلاده، فالزمن كان مختلفا في ذلك الوقت. بالنسبة إلى السيد ميشكوف، فإن اسم يلتسين شيء سيء (بمنزلة الوحل الذي يعلق فيه المرء)، لذلك كان يستخدم أول حرف من اسمه "واي" في الإشارة إليه، مقارنا بين ما فعله وبين ما يقوم به الآن الرئيس الحالي فلاديمير بوتين، الذي وصفه ب "ضابط شريف". في عام 2011 منعت أوكرانيا رئيس القرم السابق من دخول البلاد لمدة خمس سنوات، لدعمه النزعات الانفصالية. لكن وصول القوات الروسية وحالة الارتباك في القرم وفرت له الغطاء الذي يتيح له العودة إلى هناك. أصبح واضحا عندما كان يتحدث عن تجاربه أن الذي حصل في القرم انطوى على مفارقة في مصير شبه الجزيرة. ففي الوقت الذي كان الجنود الروس يسيرون دوريات في الشارع بملابسهم غير المميزة ويسيرون دوريات في الشارع، كان ميشكوف يرتشف فنجانا من القهوة السوداء القوية، ويستدعي ذكريات عزله من الحكم على يد القوات الأوكرانية عام 1995. فبعد عام واحد من انتخابه، قررت السلطات في كييف إنهاء آماله السياسية، من خلال تمرير دستور جديد نص على إلغاء منصب رئيس القرم. ولم يذهب ميشكوف إلى أي مكان على الفور وبدأ اعتصاما انتهى في نهاية المطاف في 16 مارس من ذلك العام. واليوم وبعد 19 عاما، أتاح الاستفتاء المثير للجدل ذريعة ليحول أحلامه بإعادة الاتحاد مع روسيا إلى واقع معيش. وعندما سألته عن أوجه القصور في التصويت على الاستفتاء، هون من حجمها وهز كتفيه. لكن ماذا عن الأرقام الرسمية التي أظهرت أن أكثر من 100 في المئة من الناخبين المسجلين في مدينة سيفاستوبول شاركوا في الاستفتاء؟ أجاب ميشكوف :"نعم ربما تكون هناك مشكلة إدارية او اثنتين، سوء تقدير هنا أو هناك، لكن هذا لا يغير النتيجة الكبيرة، يمكنك شراء ذمم الناس ودفعهم للاحتجاج، لكن لا يمكنك شراء السعادة لهذه المنطقة بأسرها."