قام فخامة الرئيس عبد الله غول رئيس الجمهورية التركية الذي يزور المملكة حالي بزيارة إلى مجلس الشورى امس. وكان في استقبال فخامته لدى وصوله إلى مقر المجلس معالي رئيس المجلس الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد . ورحب معالي الدكتور ابن حميد بفخامة الرئيس التركي والوفد المرافق له في زيارته للمملكة العربية السعودية التي تأتي تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز –حفظه الله – . وأشار في كلمة له إلى أن المجلس دأب على استضافة عدد من زعماء الدول ورؤسائها الذين خاطبوا الشعب السعودي من منبره ، وكان لحديثهم أثره الواضح في مسار العلاقات التي تربط المملكة وشعبها بالشعوب الشقيقة والصديقة. وأكد معاليه أهمية الزيارة الحالية التي يقوم بها فخامة الرئيس عبدالله غول إلى المملكة نظراً لخصوصية العلاقة التي تربط بين البلدين والقيادتين والشعبين الشقيقين سواء في إطارها الثنائي أو في إطارها الإقليمي والإسلامي . مشيرا إلى أن تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية يعود إلى العام 1349ه (1929م)، وذلك إثر توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بين البلدين. ولفت النظر إلى التاريخ المشترك للبلدين الشقيقن حيث ربط الإسلام بينهما بأقوى العلاقات وأثمرِها، كما تمثل المنطقة الجغرافية والثقافية والتاريخ المشترك تميزاً في هذه العلاقات ولعل تطويرها بمقتضيات العصر الراهن ومستجداته هو الطريق لمزيد من الفهم والفاعلية والتي نعلم أن البلدين يسعيان لها، ويبذلان جهوداً كبيرة في سبيل توظيف إمكاناتهما ومقدراتهما لصالح شعبيهما والمنطقة. وأدرج معاليه الزيارتين اللتين قام بهما خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز للجمهورية التركية خلال عامي 1426 و 1427ه (2006 و 2007م) ضمن هذا السياق ، وعد زيارة الرئيس غول للمملكة حاليا إضافة صفحة جديدة من صفحات سجل الإخاء بين البلدين الشقيقين . وتحدث معاليه عن مكانة البلدين ودورهما السياسي في المنطقة فقال: // إذا كانت المملكة العربية السعودية تكتسب مكانة وثقلاً سياسياً انطلاقاً من مكانتها الدينية وثقلها السياسي والاقتصادي وما تنتهجه من سياسة قائمة على العقل والموضوعية والحق والعدل فإن تركيا تكتسب ثقلاً مماثلاً لما تمتلكه من قوة ومكانة ترتكز على قوة علاقاتها الدولية وموقعها وسياستها المتوازنة وهذا ما يمكن الدولتين من القيام بدور متميز في المنطقة ومن هنا يتجسد لنا ثمرة التعاون السعودي التركي البناء. وأضاف معالي الشيخ ابن حميد: // إننا في المملكة العربية السعودية ندرك أنكم تشاركوننا الرأي في أن القضية الفلسطينية تعد السبب الرئيس للمشكلات في الشرق الأوسط كافة، وأن المآسي ستستمر إذا لم يتم حل القضية الفلسطينية. إن مبادرة السلام العربية والتي حظيت بترحيب دولي تشكل فرصة تاريخية لتحقيق سلام عادل وشامل قائم على المقررات والاتفاقات الدولية، ونحن نتطلع إلى العمل معكم يداً بيد للوصول إلى هذا الهدف النبيل، مع قناعتنا بما أعلنته قيادتنا بأن هذه المبادرة لن تبقى مطروحة على الطاولة إلى الأبد//. وأعرب عن تقديره وإعجابه لوقفة الحكومة التركية الحازمة والقوية تجاه ما طال الفلسطينيين في قطاع غزة من الحرب الشرسة الهمجية التي ارتكبها العدو الصهيوني وما خلفته من دمار وأوقعته من مظالم. وعد ذلك الموقف مثار الإعجاب والتقدير. وأشار إلى أن زيارة فخامة الرئيس التركي للمملكة تأتي بعد أحداث غزة المأساوية ومعاناة أهلها , كما أنها تأتي بعد خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله الذي هيأ للأخوَّة العربية وفتح باب المصالحة العربية. وتطرق معالي رئيس مجلس الشورى إلى الإرهاب الذي عانت المملكة العربية السعودية كما عانت منه تركيا .. وقال: // إن تلك الأيدي الآثمة انتزعت أرواحاً بريئة ويتمت أطفالاً ورملت نسوة على امتداد وطننا الكبير ، ورغم ذلك فإن بلادنا – بحمد الله – تتمتع بالأمن والأمان ، وبالنجاح الكبير في مطاردة فلول الإرهابيين والقضاء عليهم والمبادرات بالضربات الاستباقية ووأد فتنتهم. إن الإرهاب الدولي من الموضوعات التي تتسم بالأهمية الكبرى لدى البلدين، والإرهاب مرفوض بأشكاله كافة مهما كانت دوافعه وأسبابه ولا يجوز ربطه بدين أو جنس أو بلد//. وانتقل معاليه إلى الحديث عن العلاقات بين المملكة وتركيا في مختلف المجالات , واستهل حديثه بالعلاقات السياحية مبينا أن الإحصائيات تشير إلى أن عدد السياح السعوديين القادمين إلى تركيا يزيد على سبعين ألف سائح في العام. والسعودية تسعد باستضافة مائة ألف مواطن تركي مؤهلين تأهيلاً عالياً يشاركون في تنمية الوطن وإعماره. وفي المجال الاقتصادي أوضح معاليه أنه منذ توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والثقافي بين تركيا والمملكة عام 1393ه )1973م) والعلاقات الاقتصادية في نمو مستمر حتى وصل حجم التبادل التجاري في عام 1427ه (2007م) ما يزيد على خمسة آلاف مليون دولار. وقال معالي الشيخ بن حميد // إن الحكومتين الشقيقتين أعلنتا العزم الأكيد على توثيق العلاقات الاقتصادية، وعقدتا مجموعة من الاتفاقيات الثنائية تشكل الإطار القانوني المناسب لهذه العلاقات وهما عازمتان على إزالة أية عوائق تعترض سبيل التعاون. و المجال الآن مفتوح أمام رجال الأعمال في البلدين والفرص أمامهم ليبادروا إلى إقامة المزيد من المشروعات المشتركة وإلى استثمار المزيد من الأموال، وإنني على ثقة أن المردود سوف يكون – بعون الله - مشجعاً وسينعكس بصورة مباشرة على رخاء الشعبين الشقيقين//. ولفت النظر إلى الزيادة التي سجلتها الأنشطة الثقافية بين البلدين مؤخراً، حيث تم تنظيم الأيام الثقافية السعودية في كل من مدينة اسطنبول وأنقرة والتي لقيت إقبالاً كبيراً من المواطنين الأتراك، من جهة أخرى فإن استجابة تركيا للمشاركة كدولة ضيفة في فعاليات مهرجان الثقافة والتراث بالجنادرية في شهر صفر من عام 1429ه (فبراير 2008م) . وعلى صعيد العمل البرلماني المشترك بين معاليه أن اللقاءات والزيارات المتبادلة بين مسؤولي مجلس الشورى والجمعية الوطنية التركية جارية بكل جدية تحقيقاً للاستفادة من خبرتي المجلسين. مشيرا إلى الزيارة التي قام بها معالي رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى كوكسال توبتان إلى مجلس الشورى في العام الماضي حيث عمقت تلك الزيارة الأواصر الحميمة بين المجلسين، كما قامت وفود من مجلس الشورى بزيارات متتابعة لتركيا للمشاركة في الفعاليات البرلمانية التي تقام هناك، فضلا عن أن لمجلس الشورى تواصل دائم مع البرلمان التركي من خلال لجنتي الصداقة البرلمانية في كلا البلدين . هذا وقد عقد مجلس الشورى امس جلسته العادية الرابعة والسبعين برئاسة معالي رئيس المجلس الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد بحضور فخامة الرئيس عبدالله غول رئيس جمهورية تركيا لمستهل أعمال الجلسة حيث القى خلالها كلمة أمام أعضاء مجلس الشورى . وقد ناقش المجلس خلال الجلسة عددا من الموضوعات المدرجة على جدول أعماله ومنها استكمال مناقشة طلب إعادة النظر في الشرط الوارد في المادة ( الثانية / فقرة 3) من نظام المؤسسات الصحية الخاصة بحيث يكون النص : ( يجب ان يعين مالك المجمع الطبي أو مركز جراحة اليوم الواحد - ما لم يكن هو أو أحد الشركاء طبيباً سعودياً في طبيعة عمل المنشأة – طبيباً سعوديا في طبيعة عمل المنشأة ، يكون مشرفاً متفرغا تفرغاً كاملاً لها ، فإن لم يتوافر طبيب سعودي فإنه يجوز وفقا لما تحدده اللائحة التنفيذية الاستثناء من هذا الشرط )0 وقد استمع المجلس الى العديد من مداخلات الأعضاء بين مؤيد ومعارض لهذا التعديل ، فوافق المجلس بعدها على إعادة الموضوع للجنة لإيضاح وجهة نظرها على استفسارات وآراء الأعضاء وتقديم ذلك في جلسة قادمة للمجلس بإذن الله تعالى 0 واوضح معالي الأمين العام للمجلس الدكتور محمد بن عبدالله الغامدي في تصريح لوكالة الأنباء السعودية ان المجلس ناقش بعد ذلك تقرير لجنة الإدارة والموارد البشرية والعرائض بشأن التقريرين السنويين للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للعامين الماليين 1426- 1427ه و 1427-1428ه الذي تلاه نائب رئيس اللجنة الدكتور فلاح السبيعي وسيستكمل المجلس مناقشة الموضوع في جلسة قادمة بإذن الله تعالى 0