تشهد جوامع ومساجد منطقة الباحة خلال شهر رمضان المبارك موائد افطار رمضاني , صدقة منهم على أمواتهم الذين وافهم الاجل المحتوم قبل حلول الشهر المبارك , وخلال جولة لنا في بعض الجوامع ومنها جامع القهاد في محافظة القرى بالاطاولة , رأيت افطارا رمضانيا يقام كل مساء تحت عنوان سفرة سعد بن مسعود الزهراني , وهو أحد الراحلين عن دنيانا وأول مندوب للبريد في تاريخ بلدة الاطاولة , وقد أقام أبناؤه له تلك السفرة اليومية الرمضانية . إلى ذلك تعيش معظم جوامع ومساجد الباحة , موائد الافطار الرمضاني التي يتقاطر على جنباتها عشرات الصائمين من الاخوة الوافدين , لتشكل واحدة من الصور الرمضانية التقليدية التي لم تغب عن مساجد المنطقة منذ قديم الزمن , ففي القديم كان التمر والقهوة غالبا هما عنوان المائدة , أما حديثا فقد دخلت المأكولات الحديثة كالسنبوسك والحلويات والشوربة ونحو ذلك .ويقوم عدد من الموسرين والأهالي بتنظيم تلك الموائد الإفطارية الرمضانية في المساجد والجوامع في معظم أرجاء المنطقة , في مشهد مهيب يدل على التكافل والخير والبذل السخي رغبة فيما عند الله .وخلال جولة لنا إلى جامع أبي هريرة في الجزء الجنوبي من بلدة الاطاولة , وجدت مائدة إفطار يصطف على جنباتها يوميا ما يزيد عن 65 من الصائمين كلهم من الإخوة الوافدين . وخلال مشاركتي لهم الإفطار معهم لمست الأجواء الفرائحية الرمضانية بالشهر الفضيل , وبالحميمية والأخوة التي غرسها هذا الدين العظيم في نفوس المسلمين من كل بلاد العالم الإسلامي , وكان من اللافت غياب القهوة , وحلول " الكبسة " بدلا عنها كعنصر رئيس في مائدة الإفطار الرمضانية , إلى جانب العصائر والماء والتمر , حيث أن قطاعا كبيرا من الإخوة الوافدين يفضّل تناول الأرز مع الدجاج بُعد رفع أذان المغرب مباشرة . معلوم أن صورة رمضان بالأمس في منطقة الباحة كانت انه وبعد أن يثبت دخول رمضان فان أهالي قرى وهجر منطقة الباحة يستقبلونه بالتهليل والتكبير والاستبشار والفرح , وتقام الشعائر الدينية في البيوت والمساجد والجوامع , فيتلى القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ويتسابق الناس إلى العبادات والأعمال الخيرية , التي يرجون بها رضا الله ومغفرته ورحمته وثوابه , من ذلك الصدقات عن الأموات . وقبيل الغروب يتوجه كثير من الأهالي إلى المساجد صغيرهم والكبير وغنيهم والفقير , فالميسورين يحملون إلى المسجد القهوة والتمر وقطعا من الخبز البلدي , ليكون ذلك إفطارا رمضانيا جماعيا تحفه الألفة والمحبة , وما أن يؤذن لصلاة المغرب حتى تلف تلك الجماعات الصغيرة على مائدة الإفطار في سعادة بالغة وفي شكر لله تعالى على نعمته .