استقبلت منطقة الباحة كما هو حال مناطق المملكة الأخرى , الاعلان الرسمي الذي بثته الاذاعة والتلفاز بثبوت دخول شهر رمضان المبارك بكثير من الفرحة والاستبشار وشكر الله تعالى على نعمته , وسبق ذلك تجهيز المساجد والجوامع , ولوحظت يافطات بجوار عدد منها تعلن عن بدء العمل بتنفيذ مشروع افطار صائم .وفي السياق ذاته بدأت مدينة الباحة وعدة مدن بالمنطقة , ليلة دخول رمضان مزدحمة بالسيارات والمشترين , مما يمكن أن نصفهم ب (زبائن اللحظة الأخيرة) .. فبداية وجدنا قبل حلول أذان صلاة المغرب ازدحاما مروريا في عدة نقاط لبيع المواد الاستهلاكية على الطريق الرئيسي في رهوة البر , وتوقفت أمام طابور من المشترين وصل خارج محل لبيع رقاق السنبوسة , وإلى جانبه سوبر ماركت تحول الى خلية نحل . وفي مدينة الباحة بذلت دوريات المرور جهودا كبيرة في فك الاختناقات على طريق الملك عبدالعزيز , وداخل البلدة القديمة , وفي محيط حلقة الفاكهة والخضار القديمة خصوصا , ولوحظ ان بعض الطرقات تم اقامة سياجات معدنية عليها لاحتواء الازدحام المروري المتوقع , وتحديدا سياج في التقاطع غرب مستوصف الرامي . من جانب آخر شهدت العديد من جوامع ومساجد الباحة حراكا يتناسب مع مهابة الشهر الفضيل وحسن الاستعداد له , حيث رأيت مواطنا وعمالا ينصبون لوحة على عمود يجاور مسجدا في الطريق العام بالاطاولة والباحة وبني سار والمندق عليها عبارة ( افطار صائم ) في اشارة الى حفاوة المجتمع الباحاوي بالتكافل الاجتماعي واقامة موائد الافطار في ساحات الجوامع والمساجد والتي يتقاطر على جنباتها مغرب كل يوم رمضاني الصائمون من الاخوة الوافدين . وفي بلدة الاطاولة مررت بمسجد جنوبي البلدة – مسجد أبي هريرة رضي الله عنه - انهمك الفنيون في صيانة مكبرات الصوت للمسجد , وتوريد كميات من عبوات المياه المعدنية في ثلاجة المسجد , تهيئة موائد الافطار الرمضاني للاخوة العمال ونحوهم . وقال لي المؤرخ الاستاذ علي سدران الزهراني أن أول ليلة من رمضان كانت ولازالت تحظى بعناية خاصة , موضحا أن الاهالي في الزمن القديم كانوا يسمونها ب ( ليلة الغُرّة ) . و ( ليلة الغُرّة ) تسمية مأخوذة من غُرّة الشهر - أي أوله كما هو معروف - وكان يجتمع رب الأسرة مع جميع أسرته حول مائدة السحور ولا يغيب منهم أحد , وفيها تتناول العائلة طعاما يتألف من الرغيف البلدي والسمن والعسل , وإذا أمكن بعض اللحم والمرق . وكانت قيمة المائدة في ( ليلة الغُرّة ) تكمن في رمزيتها لا محتوياتها المادية .. رمزيتها كفاتحة أول لقاء أسري للعائلة , في مطلع شهر الخير والتألف والرحمة والبركة .