رغم انخفاض درجات الحرارة مازالت حرائق الغابات في استراليا تمثل تهديداً لعدد من الولايات هناك، وتعد تلك الحرائق التي تجتاح الكثير من الغابات والمناطق الخضراء في مناطق مختلفة من العالم أحد أكثر العوامل المؤثرة سلباً على المناخ لكنها لم تحظ بالاهتمام والدراسة الكافية. وقد أدرك الخبراء تدريجياً وجود تداعيات ضارة للحرائق تحيق بالمناخ، وتساهم في أحداث مجموعة من التغيرات الجوهرية، لعل من أبرزها انتشار ظاهرة الاحتباس الحراري، الذي يؤثر بدوره على النباتات ويجعلها أكثر عرضة للتلف. وتقدر مساحة الغابات التي تتعرض للحرائق سنوياً ب 400 مليون هكتار وهي مساحة أكبر من مساحة الهند، وفي أغلب الأحيان تتم هذه الحرائق نتيجة صواعق طبيعية كالبرق الذي يتسبب في اشتعال الخشب واندلاع النيران التي تلتهم مساحات واسعة من الغابات، أو بسبب عوامل بشرية عندما يلجأ الإنسان الى حرق أجزاء منها لتحويلها إلى أراضي زراعية، ويستدل في هذا الشأن بغابات جنوب إفريقيا، حيث قامت الحكومة بإضرام النار في الحديقة الوطنية للحيلولة دون تكاثف أشجار السافانا فيها، وكانت الطائرات الهليكوبتر تلقي كرات صغيرة مزودة بالكحول في الغابة بانتظام حتى تشتعل النيران فيها بسرعة كبيرة. تجدر الإشارة الى أن نسبة الحرائق تراجعت في منتصف القرن التاسع عشر بسبب الهجرة من الريف إلى المدن، لكن هذه النسبة عاودت الارتفاع ابتداء منذ عام 1960، ووفقاً لتقديرات بعض الخبراء فإن الاحتباس الحراري هو المسبب الرئيسي للحرائق، لأنه يرفع درجة الحرارة في الكثير من المناطق ويجعلها أكثر جفافاً، كما يتسبب أيضاً في ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء الذي تحتاجه النباتات لنموها، ولمعرفة ما إذا كانت التغيرات المناخية ستتسبب في اندلاع مزيد من الحرائق خلال الخمسة والعشرين سنة المقبلة أم لا، قام فريق بحثي بعمل محاكاة على الكمبيوتر، وتوصل إلى أن نسبة الحرائق ستتضاعف بمستوى خمس مرات حتى عام 2040 مقارنةً بما هو مسجل حالياً، غير أنها سوف تتفاوت من منطقة إلى أخرى ففي الغابات الاستوائية تزداد هذه النسبة، بينما تقل في مناطق البحر الأبيض المتوسط، بسبب قلة الغطاء النباتي هناك، وبالتالي ضعف انبعاث الغازات المساعدة على الاحتراق. وبوجهٍ عام، يؤثر المناخ على الحرائق ويتأثر بها ، فكلما ازدادت الحرائق ارتفعت بالمقابل نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو، لكن يرى بعض الباحثين أن الحرائق لا تفرز ثاني أكسيد الكربون فحسب، وإنما تفرز غازات أخرى مثل الميثان المسبب للاحتباس الحراري، فضلاً عن انتشار جزيئات الكربون في الهواء والتي تمتص ضوء الشمس وبالتالي ترفع من مستوى حرارة الجو، من جهة أخرى فإن هذه الجسيمات العالقة تساهم في بعض الأحيان في تلطيف الجو من خلال تحولها إلى غيوم، تقوم بدورها في تبريد الغلاف الجوي من خلال عكسها لأشعة الشمس الحارقة.