قلت منذ بداية الثورة السورية إنه لا يمكن التعويل على حلف الناتو كما كان يعتقد البعض أنه سوف يتدخل على طريقة النموذج الليبي. ومع مرور الوقت تأكد ذلك.. أما لماذا فلأن موقع سوريا على الخارطتين الجغرافية والسياسية يختلف تماماً. كما أن هناك مصالح خارجية مع كل من روسيا والصين وأيضاً كوريا الشمالية. وهذه البلدان الثلاثة تعد مصدراً لسلاح الجيش السوري وسوق تجارية كبرى للصناعات المدنية. وعلى مستوى الحدود تقف إيران وحزب الله اللبناني في خندق واحد مع النظام السوري .. ليس ذلك حباً في بشار الأسد. ولكنه حرصاً على بقاء تحالف استراتيجي سواء على الأرض أو في الخطاب السياسي. حيث لا بد من التذكير بأن سلاح حزب الله بكل عناصر الدعم اللوجستي وذلك منذ حكم الرئيس حافظ الأسد حتى انه كان يتم تسليم رهائن حزب الله في دمشق من خلال الحكومة السورية وليس اللبنانية !! صحيح أن تركيا قد أخذت طريقاً مختلفاً ضد النظام لصالح الثوار ولكنها لا تستطيع الذهاب إلى ما هو أبعد من استقبال واغاثة النازحين. وذلك لأسباب منها: أن الأتراك من الداخل يرفضون أي مواجهة عسكرية مع سوريا. حتى وإن وصل الأمر إلى قرار دولي باستخدام القوة. فإن استخدام قاعدة "انجر ليك" التركية من قبل قوات أجنبية لن يحظى بموافقة البرلمان التركي وإن طلب رئيس الدولة أو رئيس وزراءه ذلك. خاصة ان "انجر ليك" وغيرها من القواعد ستكون في مرمى الصواريخ الإيرانية بعد اعلان طهران أمس الأول أن أي اعتداء على سوريا هو اعتداء عليها. على أن بقية الأراضي السورية ستكون هدفاً إسرائيلياً من فوق هضبة الجولان المحتلة في حال دخول إسرائيل على خط المواجهة نتيجة توجيه ضربات من الجيش السوري وذلك في محاولة للنظام نقل المعركة إلى عدو مشترك في المنطقة كشعار يحرك المشاعر العربية والإسلامية. هذا بالإضافة إلى أن النظام ما زال قوياً بجيش نظامي يمتلك طائرات. ومعدات ثقيلة تفوق قدرات المعارضة المسلحة بدليل الاحصاءات اليومية من الأرواح والممتلكات التي يتم اجتياحها لصالح النظام من الداخل. والمرتكزات الخارجية التي أشرت لها في سياق الحديث عن الخارطتين الجغرافية والسياسية. وبالتالي وما أود أن أصل إليه هنا هو أنه لا يمكن الانكار بأن المشهد السوري يعكس حالة حرب أهلية وانقاسماً يقود أحد أطراف المعادلة في استمراره ليس النظام وحده ولكن أطراف قوية أخرى. هذا جانب وعلى الصعيد الثاني فإنه من الصعب أن يستمر هذا الصراع أمام العالم بقدر ما يجب أن تقوم جامعة الدول العربية التي يمكن أن تعمل على استنساخ التجربة الخليجية في اليمن بحيث تضمن سلامة الرئيس وعدم محاكمته مقابل انتقال سلمي للسلطة وعودة النازحين المشردين إلى ديارهم. وليس التوقف فقط عند مساعدتهم في العراء. وهو دور وإن كان محموداً إلا أنه لن يوقف نزيف الدماء في الداخل السوري ولا قوافل الهروب إلى الخارج. ومن ثم فإن بشار الأسد سوف يقبل حلاً بهذه الصيغة التي أشرت إليها لسببين: الأول: لقناعته أنه لن يستطيع حكم سوريا بعد كل ما حصل. والثاني تأمين "طوق نجاة له" من خلال تبديد مخاوفه من الاعتقال والمحاكمة وبقاءه في سوريا بين الطائفة العلوية التي ينتمي إليها وهي منظومة كبيرة داخل المؤسسة العسكرية. وهي التي تدافع بقوة السلاح أمام المعارضة البعيدة عن حجم التوازن والتأثير. الأمر الذي يتطلب حلاً نهائياً وليس التوقف العربي والدولي فقط عند شعارات التعاطف مع قضية ثوار سوريا. [email protected] Twitter:@NasserALShehry