إن مكانة الإنسان بين الموجودات جميعاً تختلف في طبيعتها عن سائر المخلوقات الأخرى فالإنسان يعتبر الفاعل لما يقوم به .والعقل المتدبر بما يرادف هذه الأفعال أو الأعمال فالأفعال الإنسانية هي تلك الأفعال العقلية الإرادية التي يستهدف منها الإنسان تحقيق غاية لبلوغها أو ادائها أو الحصول على ما يعود عليه بالنفع العميم بما يستشعره في نفسه، بين ما يملكه وما يريد تحصيله، بين ما يحققه وما يرجو تحقيقه بين ما هو عليه الفعل وما يريد أن يكون عليه هذا التوتر النفسي هو الذي يجعل من الإنسان متقلب الأهواء والمزاج. فإذا ما راقبنا أهواءنا وحوافزنا دون أن نطلق العنان لها لسلمنا وأصبح مسارنا قويماً دون اعوجاج.إن ما يصدر عن الإنسان من أفعال ارادية أو فيما يحققه من نشاط حيوي من أفعال صادرة عن تعقل وروية هذا في صحيحه نوع من الرقابة النفسية ومحاسبة صادقة للضمير ذاته.وقد يجهل الكثيرون أن لديهم ضميراً يؤنبهم ولكن لا بد أن يكتشفوه يوماً حين تتولد لديهم الرغبة في ذلك وعندما يثيرون في نفوسهم ضرباً من النفور الأخلاقي الناتج من صدامهم مع الآخرين، وعلى ذلك فقد أكد الفلاسفة الأخلاقيون أن الشعور الخلقي إنما هو انعكاس الشعور عن نفس الإنسان حين يقوم بفحص حالاته الشعورية ووزن أفعاله الخلقية من أجل استحسانها أو استهجانها وقبولها أو رفضها .وامتداحها أو ذمها. ولا شك أن الضمير في حد ذاته امتداد لوعي الإنسان بوصفه انعكاساً للشعور الذاتي والواقع أن من طبيعة الشعور أنه ينظم عالم الإنسان الخاص ويبلور لهذه النفس صورة متكاملة عن واقعها.فالإنسان العامل المتحكم في ارادته والمتمسك بتعاليم دينه بما أمر به وما نهي عنه دون رياء لمن حوله غير منتظر مدح زيد أو ثناء عمر فيما يفعله.إذاً فلنجعل ضميرنا الذي نستشعر به الحميد والبذيء من الخصال هو الميزان الحساس الذي نزن به تصرفاتنا.