تِلكمُ الأيام والليالي تنصرم بطبعها في عجالة وتنطوي في سرعة , لا تُمهل نائماً لينعم بأحلام وطول ليل ، إلا ويدركه الصبح ، ولا مسافراً يخطط لإنجاز أعماله وأهدافه ، إلا ويدركه الوقت ليرجع, ولا صانعاً ولا طبيباً ولا طالباً ولا باحثاً ولا غيرهم يأمل في أن يكمل عمله وما يرجوه ، إلا ويدركه الوقت , هذا إن قدَّر الله تعالى لذلك النائم أن يصحو من نومه أو غفوته . أو لذلك المسافر أن يرجع ويعود سالماً غانما , أو لذلك الصانع والطبيب والطالب وغيرهم أن يكملوا أعمالهم ودراساتهم , فذلك القَدرُ المقدَّرُ على كل منا هو ليس بغائب عنا ،ولكنا نتحاشاه أو نستبعده أو نتجاهله , ونقول أدركنا الوقت, والحقيقة هي أنه أدركنا الموت أو أوشك , فتتقدم الأيام والليالي بنا وتنطوي سريعا والزاد قليل , والحمل ثقيل , فأين يا ترى نحن مِن كن مستعداً ومِن إذا أصبحت فلا تنتظر المساء , وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح . نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الزاد والتقوى ومن العمل ما يرضى , فكفى بالموت واعظاً. ففي هذا الأسبوع انتقل إلى رحمة الله تعالى مساء الاثنين الماضي معالي الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام الأسبق، وصُلي عليه في ظهر يوم الثلاثاء الماضي في المسجد الحرام وشيع جثمانه وسط حضور كثيف من المشيعين. لقد كان الدكتور محمد عبده يماني يرحمه الله نموذجا من نماذج العطاء، حمل في ثنايا قلبه إنسانية كبيرة فقد كان في السابق وزيرا للإعلام، ومفكرا وأديباً ، ورجلاً متواضعاً ومهذباَ ، حسن السجايا وكريم الخلق ، ومن رجالات الخير والعطاء. وكان يرحمه الله له ما يقرب من 35 مؤلفاً، كتب بعضها باللغة الانكليزية, ولعل ما قاله معالي رئيس المجلس الأعلى للقضاء فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد يحفظه الله عن الفقيد يكفي عن العديد من المقالات والأقوال في حقه يرحمه الله .اسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان وأن يعوّض المسلمين خيرًا وأن يعوّض البلاد فهو رجل من رجالات البلاد المعروفين له آثاره وبصماته في كل المواقع التي شغلها سواء في الجامعة أو في التعليم العالي أو في الإعلام فقد كان كاتبًا وكان مبدعًا كما أن له نشاطاً في الجمعيات الخيرية والنشاط الخيري واهتمامه بهذه الأمور واهتمامه بالقرآن الكريم ونسأل الله أن يجعل هذه الأعمال في ميزان حسناته وأن يعوض المسلمين خيرًا وأن يخلفه في أهله . عزيزي القارئ : لمثل هذا اليوم فليعمل العاملون , وفقنا الله وإياك والمسلمين لصالح الأعمال والأقوال , ألا رحم الله تعالى فقيدنا الدكتور محمد عبده يماني , وأسكنه فسيح جناته , وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان ونرفع أكف الضراعة لله تعالى في هذه الأيام المباركة لأن يغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين , إنا لله وإنا إليه راجعون . [email protected]